للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[٨ - معركة عدوى]

للأستاذ الفريق طه باشا الهاشمي

رئيس أركان حرب الجيش العراقي

تتمة

وأراد الجنرال (باراتيري) أن ينسحب إلى (أديكايه) ليقصر خط المواصلات إلا أنه لم يجسر على ذلك خوفاً من تأنيب رومة فقرر القيام باستطلاع تعرضي في اتجاه نهر مارب شأن كل قائد متردد. وكان يرمي بذلك إلى وقف حركات الأحباش في اتجاه غوندت وأسمره، وبعد أن تأهبت الفصائل للحركة سحب أمره. ولا شك في أن هذه الأوامر المتناقضة مما أزال اطمئنان الفصائل وجعلها تخشى العاقبة.

ومما زاد الموقف حروجة قلة الأرزاق. وكلف مدير الميرة والتموين الجنرال بتقليل مقدار الأرزاق اليومي للجنود لأن مواد التموين لا تكفي وأن القوافل أخذت تتأخر والكثير منها يقع في أيدي الثوار، فاضطرت القيادة إلى تقليل أرزاق الجندي اليومي، وكان الجندي الأهلي يأخذ قليلاً من الشعير، ويفضل الدراهم مقابل الأرزاق الباقية، إلا أن الأرزاق كانت مفقودة. وتناول الضباط الأرزاق كالجنود. وأخيرا أضاف القائد العام خطيئة إلى خطيآته السابقة فكانت نذير الخذلان. فانه عقد مجلساً حربياً واستشار القواد فيما يعمل، ومعنى ذلك أنه أراد أن يلقى تبعة الحركات عن عاتقه وكان هو المسؤول الوحيد عنها.

والظاهر أن القائد العام كان يخشى حساب رومة بعد أن تلقى تلك البرقيات المرة منها، وكان قرار أعضاء أكثرية المجلس القيام بالهجوم وعدم الانسحاب لأن البقاء في ادجرات بسبب مجاعة الجيش، ولأن الأرزاق كانت على وشك النفاد برغم تقليل مقاديرها اليومية، لأن القوافل أمست لا تصل بانتظام. أما الانسحاب إلى الوراء فلم يكن من شك في أنه أحسن تدبير لتقصير خط المواصلات وتموين الجيش بصورة منتظمة، وبعد أن يتقوى بالنجدات المرسلة من إيطاليا وتكمل التدابير الإدارية وتنتظم سوق التموين والذخيرة يتقدم للهجوم بخطوات ثابتة متينة، بيد أن القائد العام والقواد الآخرين لم يكن لديهم من حب التبعة (المسؤولية) ما يجعلهم يتخذون هذه الخطة.

<<  <  ج:
ص:  >  >>