لم يكن نظام الاستقسام بالأزلام نظاما موحدا يظله ظل الوثنية، بل كان إلى جانب هذا النظام الديني نظام آخر مدني يلمحه الباحث من ثنايا أخبار العرب
١ - جاء في اللسان تعليقا على قول سراقة:(فأخرجت الأزلام)، قال:(وهي القداح التي كانت في الجاهلية، كان الرجل منهم يضعها في وعاء له فإذا أراد سفرا أو رواحا أو أمرا مهما أدخل يده فأخرج منها زلما، فإن خرج الأمر مضى لشأنه، وإن خرج النهي كف عنه ولم يفعله)
٢ - وجاء فيه أيضا:(وربما كان مع الرجل زلمان وضعهما في قرابة، فإذا أراد الاستقسام أخرج أجدهما)
٣ - وقال أبو حيان:(وأزلام العرب ثلاثة أنواع: أحدها الثلاثة التي يتخذها كل إنسان لنفسه، في أحدها (افعل) وفي الآخر (لا تفعل)، والثالث غفل، فيجعلها في خريطة، فإذا أراد فعل شيء أدخل يده في الخريطة منسابة وائتمر بما خرج له من الآمر أو الناهي. وإن خرج الغفل أعاد الضرب.
ثم ذكر النوع الثاني، وهي القداح السبعة التي كانت عند (هبل)، والنوع الثالث وهي قداح الميسر.
علة تحريم الاستقسام بالأزلام
أما الاستقسام بها على الوجه الديني المتقدم فلم يختلف العلماء في تحريمه وأنه فسق، لأنهم كانوا يلجئون إلى الأنصاب وبيوت الأصنام، وكانوا يظنون أنها هي التي تخرج لهم في القدح ما يمتثلونه.
قال الزمخشري: (فإن قلت: لم كان استقسام المسافر. . وغيره بالأزلام لتعرف الحال فسقا؟ قلت: لأنه دخول في علم الغيب الذي استأثر به علام الغيوب، وقال: لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله، واعتقاد أن إليه طريقا إلى استنباطه. وقوله أمرني ربي