في أحد الأعداد الأخيرة من مجلة الجمهور البيروتية كتب الأستاذ اليأس أبو شبكة كلمة في السؤال عما ترك شوقي وجبران من التوجيهات النافعة في السياسة القومية، وهو ينتظر أن يجود الجيل الجديد بأدباء قادرين على خلق تلك التوجيهات. وفي العدد الأخير من مجلة المصور القاهرية كتب الأستاذ فكري اباظة يقول إن قصيدة ستالينجراد للشاعر علي محمود هزته هزاً، وهو يرجو أن يعود الشعراء المصريون إلى التغني بالقومية والوطنية، ولا سيما العقاد ومطران
وأقول: أن من رسالة الأديب أن يتجه إلى آمال وطنه من حين إلى حين، أو في كل حين، وفقاً لما يجيش بصدره من نوازع وميول، ولكن من العقوق للأديب أن نجحد فضله إذا لم يجعل الآمال الوطنية في جميع الأحايين
والقول الفصل في هذه القضية إن رسالة الأديب هي خلق ذوق الحياة، فمن الواجب إن تتجه مراميه جميعاً إلى ذلك الخلق في أي صورة، وعلى أي شكل. وقد قلت مرات: إن الأديب الحق هو الذي يستطيع بقلمه أن ينقلك من ضلال إلى هدى أو من هدى إلى ضلال. والمهم عندي إن يقدر الأديب على خلق الفتن الروحية والذوقية والعقلية، بحيث تخرج من صحبته بمحصول جديد من القلق أو الاطمئنان. ولو كانت غاية الأديب إن يرسم لنا خطط المستقبل لوجب أن نترك الشعراء القدماء، لان أدبهم يعجز عن توجيه الجيل الجديد، ولأنه من هذه الناحية أعجز من أدب شوقي وأدب جبران
أشعار المعري لا تنفع القومية بشيء، القومية في مدلولها الحديث، ولو شئت لقلت إنها كانت أذًى على قومية ذلك الزمان، لأن منحاها يتجه إلى الهدم لا إلى البناء، ولكن قراءة أشعار المعري تنفع في تقوية الذاتية، وتروض القارئ على الاعتداد بالنفس، وتثيره على الرياء الاجتماعي. وثمرات هذا الأدب الذي يرينا كيف نواجه مشكلات العصر الجديد
رسالة الأديب هي خلق ذوق الحياة، أو هي نصر الحياة على الموت، والقليل من هذه الرسالة في هذا الاتجاه يصنع الأعاجيب في إحياء الممالك والشعوب