للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الطريقة العلمية]

أو القواعد الأربع للبحث والتفكير

للفيلسوف الفرنسي الكبير رينيه ديكارت

بقلم السيد أحمد محمد عيتاني

(رينيه ديكارت أشهر من أن يعرف، فهو أبو الفلسفة الحديثة، وواضع أسسها، وباني كيانها، عاش في القرن السابع عشر، وألم بجميع فروع الفلسفة، وترك لنا مؤلفات عديدة فيها، كلها ذات قيمة فذة، لما احتوت عليه من الحقائق العلمية، والملاحظات الدقيقة، والنظريات والآراء التي أحدثت هزة عنيفة في عالم العلم والفلسفة، فغيرت مجرى بحوثهما، وحملتها على الاتجاه في اتجاه جديد كان نتيجة لها. من بين المؤلفات التي وضعها ديكارت، رسالة صغيرة، بسط لنا فيها موجز تاريخ حياته العلمية، وعرض الظروف والمناسبات التي ساعدته في الوصول إلى طريقته العلمية الخاصة، التي بنى عليها بحوثه العلمية والفلسفية، وقد أسمى هذه الرسالة (رسالة الطريقة أو القاعدة) ووضعها باللغة الفرنسية، فكانت أول مجهود فلسفي كتب بهذه اللغة، وكان في ذلك خروج على عادة الفلاسفة والعلماء الذين ألفوا أن يكتبوا أبحاثهم ويدرسوها باللغة اللاتينية، ولهذا كان أسلوب المؤلف في رسالته أسلوباً جامداً معقداً غامضاً في بعض المواضع، طويل الجمل، كثير اللف والدوران، يصعب فهمه لأول وهلة، ولكن هذا لم يضع من قيمة الرسالة، ولم يمنعها من أن تكون من أجل مؤلفات هذا الفيلسوف الكبير خطراً وأبعدها أثراً، لما اشتملت عليه من القواعد العلمية، والنظرات الصائبة. وفيما يلي فصل من فصولها، يصور لنا الظروف والمناسبات التي أحيط بها المؤلف قبيل وضعه قواعده الأربع التي صاغ فيها طريقته العلمية، واتبعها في قيادة عقله للبحث عن الحقيقة والعلم الصحيح)

(أحمد عيتاني)

كنت يومذاك في ألمانيا. وقد دعتني إليها مناسبة الحرب التي لم تكن قد انتهت فيما بعد، واتفق أني بينما كنت عائداً من حفلة تتويج الإمبراطور لألحق بالجيش، أدركني الشتاء، وأوقعني في إحدى الثكنات العسكرية، وهناك لم أجد ما ألهو به، ولم يكن لدي من حسن

<<  <  ج:
ص:  >  >>