للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[فرنسا ومستعمراتها]

ما بين الاتحادين الفرنسي والسوفيتي

للأستاذ أحمد رمزي بك

ما كنت أعتقد حينما كتبت الكلمة الثالثة عن الاستعمار الفرنسي والتي أشرت فيها إلى ثلاث هيئات اتحادية تقف أمام الأمم الإسلامية وحريتها أن تبرز المتناقضات بهذه السرعة، فقد وضعت الاتحاد الهندوكي بجوار الاتحاد الفرنسي والاتحاد السوفيتي وقلت عنها إن كلاً منها يعطي لنفسه مظهر حركة تقدمية يصبغها بصبغة التحرر ويريد أن يقنع الضمير العالي أن الاتحاد هو وليد إرادة شعبية، وأنه في مصلحة الأمم والشعوب الداخلة فيه، ويعلم القائمون بأمر كل منها أن هذا بعيد عن الحقيقة بعداً تاماً، ولذلك سيكون كفاح الأمم الإسلامية في طريق الاستقلال التخلص من هذه السيطرة الاتحادية المفروضة عليهم شديداً في الهند والمغرب، قاسياً جداً في أواسط آسيا: ولكني مؤمن وواثق بأنهم سيتغلبون لا لأن الحق معهم وكفى، بل لأن قوانين الكون الملازمة لطبيعة الأشياء وتجارب التاريخ معهم، وستذهب قوات الطغيان التي تستعبد المسلمين أو تحاول ذلك هباء منثوراً وتندك صروح بنيت على تضليل الناس.

ومن قبيل هذه الثورة القائمة علينا، البرقية التي جاءت بأن البنديت نهر ويحذر الأمم العربية ويقول (إننا لن نعترف باستقلال أية دولة تقام في الهند، وسنعتبر الاعتراف من أية دولة أجنبية بهذا الاستقلال عملاً لا ينطوي على الصداقة).

وفي بعض ما ورد بالجرائد المصرية مقال عنوانه (الباكستان خير أم شر) ويقول بأن استقلال المسلمين في الهند يتعارض مع العالمية التي هي من مظاهر الكون. ونحن لا نعارض هذه العالمية ولكننا نفرض استقلال البلاد الإسلامية كشرط أساسي للتعاون والإقليمي ثم التعاون العالمي وإلا تعرض الجماعات الإسلامية للزوال وضاعت شخصيتها وأنهد كيانها.

وأعود إلى فرنسا وإمبراطوريتها، وما تنويه من فرض الاتحاد والإدماج على شعوب العروبة والإسلام، بعد أن رأينا رجال فكر يسبقون التاريخ في هذه الناحية، ويرسمون خطط السيطرة والغلبة، فقد ذكرنا فيما تقدم إشارة عن مؤتمر برازافيل الاستعماري الذي

<<  <  ج:
ص:  >  >>