تفضل الأستاذ عبد الله العلايلي فأهدي إليّ كتابه الذي سماه (سمو المعنى في سمو الذات)، وجعله الحلقة الأولى من سيرة الحسين بن علي بن أبي طالب، فطالعت أكثره والقلم في يدي فكنت أكتب بعض التعليقات على ما أنكر منه فاجتمع لي في نقده مسائل (مهمة جداً) أحببت أن أنشرها، وما أشك في أن الأستاذ يتقبلها بقبول حسن، فيقرّها إذا رآها حقاً، ويناقشني فيها إذا رآها غير ذلك. ولست أعرض في هذا النقد للخلاف بين السنة والشيعة، أو أثير غبار النزاع على القضايا المذهبية، وإنما أنقده من الناحية التاريخية العلمية، للوصول إلى الحقيقة التي أنشأ الأستاذ العلايلي كتابه للبحث عنها
والملاحظة العامة على هذا الكتاب هو أنه يدرس خلافاً بين فئتين، فيسبغ على إحداهما ثوب التقديس والإجلال، ويكتب عنها بروح إكبار واحترام، وينزل بالثانية إلى حيث يتمكن من النزول بها، ويلصق بها التهم والعيوب، ويتكلم عنها بلغة لا تخلو أحياناً من كلمات وعبارات لا يليق بالمؤرخ المنصف المهذب أن يقولها. وقد تكون هذه التهم صادرة عن (الخيال. . .) وحده، ليس لها سند من رواية أو نص؛ وقد يعترف بذلك المؤلف، ولكنه لا يمتنع عن ذكرها. كقوله وهو يتكلم عن الأمويين صفحة (٣٣): (الحزب الأموي كاد للنبي ولدعوته، وعرفنا كيف أسلم زعيم الأموية أبو سفيان، وعرفنا كيف لم يبق للأمويين أي مقام اعتباري في محيط الإسلام الذي كان ظهوره فوزاً وغلبة للهاشميين. . . ووجدوا في ولاية يزيد بن أبي سفيان وولاية معاوية من بعده فرصة سانحة للقيام بعمل خطير، ففكروا في اغتيال عمر بن الخطاب (!) وكذلك اغتالوه بيد فارسي. . .) إلى أن قال:(وإنما أقول في جملة ما أودّ إثباته إن قتل عمر لم يكن وليد فكرة فارسية مدبرة، وإنما كان فكرة موضعية خالصة وأموية بحتة. هذا رأيي وعسى أن أجد (انتبه) في منثور الروايات