فإذا كان المؤلف يستند في تاريخ الماضي إلى (رأيه. . .) ويضع النتيجة قبل أن يجد المقدمات، أي أنه إذا كان يرتجل التاريخ ارتجالاً فليس عجباً أن يكون في الكتاب نُقول عن المسعودى في الطعن على بني أمية والمسعودى لا ينقل عنه (وحده) في هذا الباب كما هو معروف، وأن يكون فيه نقول عن مثل الأب لامنس عدوّ العرب والإسلام، المتعصب الذي يضعفّه كثير من المستشرقين ولا يرون الأخذ عنه
والمؤلف يقول في صفحة (١٣): (والحق أنا لا نزال من فهم عصر الحسين على غموض وخفاء، وذلك لأن الأقلام التي تناولته منذ أول عهد العرب بكتابة التاريخ لم تكن بريئة على إطلاق القول، بل دارت عل خدمة أغراض شتى بين النزعة المذهبية، والزلفى من السلطة الغالبة). ثم يأتي في صفحة (٤٩) فيقول في عنوان مكتوب بحروف كبيرة: (أسباب فشل سياسة علي عليه السلام ونجاح السياسة المعادية) ويصف الأمويين بأنهم أداة إفساد وفي طبيعتهم بعث الحياة الجاهلية صفحة (٢٨). ويقول في صفحة (٤٢): (علي بن أبي طالب مظهر فذ من مظاهر التكامل الإنساني، ونموذج بارع من نماذج التفوق البشري، ومثال لبلوغ الاستعداد الكامن في النسم الخ) في صفحة كاملة كلها خطابيات ومبالغات على هذا النمط. وحينما يتكلم عن الخلفاء الأربعة يتكلم عنهم ص (١٢) بما نصه: (الخليفة الأول والثاني والثالث ثم علي عليه السلام)
ولنأت الآن إلى عرض نماذج من المسائل التي أنكرتها في الكتاب بقصد التمثيل لا الاستقصاء
١ - يقرر في صفحة (١٠) أن نظام الحكم في عهد الأمويين (لم يكن إلا ما نسميه في لغة العصر بالأحكام العرفية، هذا النظام الذي يهدر الدماء، ويرفع التعارف على المنطق القانوني (كذا) ويهدد كل امرئ في وجوده. وفي هذا العصر إذا كان يتخذ في ظروف استثنائية ولحالات خاصة فقد كان في العهد الأموي هو النظام السائد) وكان هذا في رأيه (وضعاً احتكم في كل التاريخ الأموي وصبغه بصبغة وبيلة، فتنافى مع المبادئ الدينية والمدنية) وكل ما أورد المؤلف من الأدلة على هذه الدعوى التي لا يدعيها أشد الغلاة من أعداء التاريخ الإسلامي وخصومه، كل أدلته أنه أشار إلى (المرسوم الملكي أو المذكرة