تحية طيبة نبعث بها إلى تلك الفرقة الناشئة الشابة المتوثبة، من فوق منبر (الرسالة) مجلة الفن والأدب والعلم، ونعني بها فرقة (المسرح المصري الحديث) التي ظهرت خلال هذا المرسم كما تظهر بواكير الندى، وكما تتفتح براعم الورود فتجلو كامن الحسن وخفي الجمال.
أخذ الناس إشفاق على تلك الفرقة يوم رأوها تنتظم عصافير ناعمة بضة حسبوها تزقزق على خشبة المسرح فلا تبين، وتهتز الخشبة من تحتها فلا تثبت، وقالوا: من أين لزغب القطا أن تقوى على ما تنبهر أمامه أنفاس النسور؟ ومن أين للظبي الأغن أن ينهض بما يعيا به الأسد الهصور؟
. . ولكن هؤلاء المشفقين انقلوا مشدوهين عجبين عند ما رأوا هذه الفرقة تنهض بالروائع والآيات لكبار المؤلفين من أمثال: موليير وتشيخوف وتيمور، تنهض بها نهضة يرى الناس فيها بحق أن الأمر لو كان بالسن لكان في الأمة من هو أحق من أمير المؤمنين بمجلسه كما قال الغلام العربي القديم! وتنهض بها نهضة يبدو فيها - أظهر وأبين ما يبدو - معنى التضامن وفناء الفرد في سبيل المجموع، ومعنى نكران الذات. . فما رأينا واحداً منهم حاول في موقف له أن يسطع على حساب زملائه، أو أن يسلبه مجداً يراه له حقاً. ولعل مرد ذلك فيهم إلى ما لقنوه من ثقافة ومعرفة حرمهما الكثير من رجال المسرح الأقدمين.
هؤلاء بحق هم (الأعوان الذين يمكن أن يعتمد عليهم وزير المعارف) كما يقول معالي الوزير الجليل في حديثه مع صديقنا الأستاذ عباس حسان خضر، وليس عمل هؤلاء قط هو (الترفيه وإضاعة الوقت) كما يقول معاليه عن المسرح عامة في مصر، وإنما عملهم هو (التعليم وإشاعة الجمال والذوق في نفوس الناس) كما يفعلون بحق، معرضين إعراضاً