للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[قبر مفقود]

للدكتور عبد الوهاب عزام

قال صاحبي: هذا مسجد النبي دانيال، فولجنا إلى الفناء فإذا جماعة من السؤَّال جالسين إلى الجدار كأنهم موتى أعوزتهم القبور، قال صاحبي: وهذا البناء مقبرة. فملنا ذات اليمين إلى رجل واقف بباب البناء عرفنا من موقفه وأوامره أنه قيِّم المقبرة

- السلام عليكم

- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، هل من حاجة؟

- يا سيدي: شاعر من شعراء الترك ووزير من وزرائهم قدم إلى مصر أيام محمد علي باشا ومات بهذه المدينة ودفن بجوار النبي دانيال. فهل تعرف عن قبره خبراً؟

- أكان وزيراً في مصر؟

- كلا، ولكنه مر بمصر حاجاً ثم عاد إليها بعد الحج فمات بالإسكندرية

- هذه مقبرة لأسرة الأمير عمر، يا محمد! اذهب معهما إلى المقبرة القديمة، أليست مفتوحة؟

- لا يا سيدي ولكن فتحها يسير. فهناك إبراهيم

سرنا وراء الرجل يسلك بنا مضايق في فناء المسجد حتى انتهى إلى زقاق ضيق يفضي إلى باب مرتفع، فنادى إبراهيم وكلمه فجاء يحمل المفتاح، وتقدم نحو الباب ففتحه ثم ألقى خشبة ضخمة على كوم من الحطب أمام الباب فارتقى عليها ودخل فاتبعناه:

سور قصير يحيط بعرصة واسعة فيها ارتفاع وانخفاض وأكوام من التراب وأكداس صغيرة من الأحجار، يبدو بداخلها قبران إلى اليمين عليهما نُصبان من الرخام، وإذا أنعم النظر تبين قبرين دارسين او ثلاثة في أرجاء أخرى

قال إبراهيم: ليس هنا الا القبران اللذان ترى، فتأملت كتابة تركية فقرأت ما في سطور الفناء من عظات وتواريخ وأسماء، فإذا اسمان آخران ودفينان مضى عليهما زهاء ثمانين عاما. فجلت في أرجاء المقبرة فرأيت قبرا عليه نصب واقع يتضمن اسما آخر، ثم مررت بقبر لا نصب عليه، وبنصب لا قبر له: بطشت يد الزمان العسراء، ببقايا الفناء!

تتخلف الآثار عن أصحابها ... حينا ويدركها الفناء فتتبع

<<  <  ج:
ص:  >  >>