١ - الإسلام دين ودولة، فهو إذ يشرع لأهله ما يبلغهم السعادة الأخروية، يعنى كذلك بمصالحهم الدنيوية، ويقرر لها نظماً يهدف بها إلى إتاحة الرفاهية قدر المستطاع لكل منهم، وتحقيق القوة والسيادة لمجموعتهم.
٢ - والمال عصب الحياة، والشريعة الإسلامية واقعية، ولذلك أقامت للمال موازين: عرفت كيف زين للناس حبه، فتكاثروا به، وتقاتلوا في سبيله، فالتفتت إلى المطامنة من هذا الحب، وأخذت من فضل هذا لتعالج عدم ذاك، محققة لكليهما الخير المعنوي والمادي وعرفت أن القوة والمنعة والأمن لا تقوم إلا على دعامة من المال، فجعلت لولي الأمر حقاً معلوماً في مال كل ذي مال لتقيم به هذه الدعامة.
فرضت الشريعة على الفرد عدة واجبات مالية ليس من همنا الآن تناولها بالبيان الوافي، ولكننا نعرض فحسب ما يتعلق بها من مبادئ رئيسية، غير مقتحمين ما للفقهاء فيها من تفاصيل.
٣ - التزم الإسلام العدل الأوفى في فرض هذه الواجبات
فهو في وضع الخراج مثلاً يوجب مراعاة وجود الأرض واختلاف أنواع زرعها وما تسقى به.
وهو ينظر من أعسر بخراجه
والجزية التي يفرضها على أهل الذمة هي من الاعتدال بحيث لا تبلغ إلا سبع ما كان يفرضه الرومان مثلاً على الأمم التي أخضعوها. وفوق هذا، فهو يرعى حال من تفرض إليه الجزية إذا كان موسراً أو وسطاً أو فقير معتملاً. ويميز بين أرباب المهن المختلفة، فالصيرفي والبزاز وصاحب الصنعة والتاجر والطبيب وما إليهم غير الخياط والصباغ والجزار والإسكافي ومن أشبههم. . .
وهو لا يوجب الجزية على امرأة ولا صبي، كما يعفى منهما الأعمى والزمن والمفلوج والشيخ الكبير الفاني ولو كانوا موسرين ويضعها عن أصحاب الصوامع إلا إذا كانوا من الأغنياء.