[ذكرى محمد محمود باشا]
في ليلة الأربعاء الماضي وعلى منبر الجامعة المصرية أعلنت مصر ممثلة في زعمائها ووزرائها وأدبائها صادق رثائها وخالص وفائها لفقيدها الجليل النبيل محمد محمود باشا. وكان من خير ما قيل في حفلة التأبين هاتان الكلمتان للشاعرين الكبيرين عباس محمود العقاد وخليل بك مطران؛ والرسالة تساهم بنشرهما في هذه الذكرى الجليلة
قال الأستاذ العقاد:
أكبرتُ في غيب الزعيم محمد ... من كان يكبر حاضراً في المشهد
حجب الردى عنا بشاشته ولم ... يحجب بشاشة ذكره المتجدد
هيهات ينتقص الزمان مجادة ... للسيد بن السيد بن السيد
فخر الصعيد، وفخر مصر جميعها ... بالرأي والخلق القويم الأيّد
من يرسل المثنى عليه ثناءه ... مسترسلا في القول غير مقيد
جمع القلوب على المديح وإن مضت ... نهجين بين مصوب ومصعد
لم نقض في هذي الديار قضية ... ومحمد مما قضوه بمبعد
ملء الندىَّ وإن تطامن دقة ... كم دقة شحذت مضاء مهند
في دارة (الفلكي) قبلة كوكب ... يعلو على رصد المنايا الرَّصد
تطوي المغارب جرمه وشعاعه ... متألق في أوجِه لم يخمد
أكبرت مطلعه ولم يك طالعي ... في كل حين عنده بالأسعد
ورأيته أقصى وأقرب رؤية ... فإذا البروج لكوكب متوحد
مهما اختلفت حياله لم يختلف ... سمت السماء ولا علو المقصد
متحرر مما يعاب كأنه ... متقيد المسعى، ولم يتقيد
شفت سرائره فكل سريرة ... فيه تضيئك من سراج موقد
فإذا عهدت المحض من عاداته ... لم تلق يوماً منه ما لم تعهد
عز الكنانة فيه فهي فجيعةّ ... تبلو الكنانة في الضمير وفي اليد
ما في مروءات الشعوب مروءة ... إلا رعته بنظرة المتفقد
البر، والمشهود من آلائه ... بين المحافل دون ما لم يشهد
ومعاهد التعليم بين مشجع ... للعاملين بها وبين مزود