٢ - مرحلة الكفاح وبداية الظفر للأستاذ محمد عبد الله عنان
لم يشهد التاريخ الحديث ثورة ضئيلة في نشأتها، عظيمة شاملة في
نتائجها كالثورة الوطنية الاشتراكية الألمانية؛ فان تلك الجماعة
المغمورة التي قامت في ميونيخ باسم حزب العمال الوطني الاشتراكي
بزعامة ادولف هتلر والتي لم تتجاوز السبعة، كانت أول حجر في
صرح الحركة الوطنية الاشتراكية الألمانية التي أخذت
تغمرألمانيالأعوام قلائل من ظهورها، والتي تواجه اليوم مصير الشعب
الألماني.
قامت هذه الجماعة في ميونيخ سنة ١٩١٩ على نحو ما بينا وانتظم فيها الضابط الصغير والبناء النمسوي السابق ادولف هتلر، ليتولى بعد قليل زعامتها وتنظيمها، فماذا كانت ترجو وعلام كانت تعتمد؟ من الصعب أن نعتقد أن هذه الزمرة من رجال لا ماضي لهم ولا عصبة، وليست لهم أية كفاحات خاصة، كانت يوم انتظامها تؤمل أن تفوز في ميدان الكفاح السياسي بتلك السرعة المدهشة، لتفرض برنامجها بعد ذلك على الشعب الألماني كله. ولكن تأذى لا ريب فيه أن ظروف ألمانيا عقب الحرب الكبرى، وما سرى إليها من عوامل الانحلال واليأس والفوضى، كانت تفسح مجالا للظهور والمغامرة؛ وكانت أية دعوة إلى الخلاص والنهوض والأمل تلقى في هذه الغمار المظلمة قبولا.
وقد كانت الحركة الوطنية المحافظة التي كانت ميونيخ مهدا لها، تتخذ شعار العمل على إنقاذ ألمانيا من ويلات الهزيمة، ومن براثن الفوضى الاشتراكية والشيوعية؛ فكانت عصبة هتلر تحمل لواء هذه الدعوة، وتعمل في جو من العطف الذي يتمتع به أبان اليأس العام كل من ألقى كلمة الخلاص والأمل. وفي هذا الجو استطاع هتلر أن ينظم حزبه وأن يجمع له الأنصار. وكانت المهمة شاقة، ولكن هتلر استطاع بكثير من العزم والمثابرة والجلد أن يحول عصبته الصغيرة إلى حزب سياسي هو: (حزب العمال الوطني الاشتراكي