للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[رسالة العلم]

كيف ظهرت الحياة على الأرض؟

للأستاذ نصيف المنقبادي

أثبتنا في مقالاتنا أن الحياة ظاهرة مثل باقي ظواهر الطبيعة، وأن تقسيم ما في الطبيعة إلى كائنات حية وإلى جمادات إنما هو تقسيم اصطناعي سطحي لا يستند إلى الواقع، وتنفيه نواميس الطبيعة الأساسية المقررة في علوم الميكانيكا والطبيعية والكيمياء، إذ لا يوجد فرق جوهري بين الأحياء وبين الجمادات. فجميع ظواهر الحياة أو ما كانوا يسمونه بمميزات مثل الشكل النوعي والتركيب الكيميائي والتغذي والتنفس والنمو والتأثر والتحرك الذاتي، كل هذه موجودة بلا استثناء ولكن مبعثرة ومشتتة في الجمادات، وكل ما في الأمر أنها إذا اجتمعت في جسم واحد قيل عنه إنه كائن حي

وقد بينا بالأدلة والمشاهدات العديدة أن الأحياء خاضعة في أمورها وأحوالها وجميع ظواهرها لنواميس الطبيعة وفي مقدمتها ناموسا عدم تلاشي المادة وعدم تلاشي الطاقة، وأثبتنا بالاختبارات والأرقام أن جميع مظاهر الحياة ووظائف الأعضاء وحتى التفكير والقوى العقلية، ليس لها إلا مصدر واحد وهو الغذاء أو بالأحرى الطاقة الكيميائية الكامنة في مادة الغذاء، وما عهد القراء ببعيد بالتجارب والاختبارات الحاسمة التي قام بها أتووتر وبينيدكت وغيرهما من الفسيولوجيين بواسطة ذلك الكالوريمتر الكبير الذي شرحناه في إحدى المقالات السابقة فلا حاجة إلى التكرار، وكذلك الأجهزة الدقيقة التي تدل على ازدياد حجم المخ قليلاً مدة التفكير بورود كمية من الدم إليه، كما تدل من جهة أخرى على ارتفاع درجة حرارته مما يقطع بأن القوى العقلية تستهلك كمية من الطاقة الغذائية، وأنه ليس لها أيضاً إلا مصدر واحد وهو هذه الطاقة وليس شيء آخر سواها

وما دام الأمر كذلك فيمكننا أن نقول مقدماً إن أصلها وكيفية ظهورها على الأرض لابدّ أن يرجع إلى أسباب طبيعية، فهي ظهرت كما ظهرت أجسام أخرى كالمواد المبلورة وغيرها وكما نشأت الجبال والبحار وتكونت طبقات الأرض المختلفة وما تحتويه من مناجم الفحم والمعادن المتنوعة كل ذلك بفعل العوامل والنواميس الطبيعية

غير أن العلماء كانوا فيما مضى، قبل قيام الاكتشافات العظيمة الحالية في البيولوجيا

<<  <  ج:
ص:  >  >>