للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[موقفنا من الاستعمار الثقافي]

للأستاذ أنور المعداوي

ما هو موقفنا اليوم من الاستعمار الثقافي؟ سؤال يتردد في الأذهان ومن حقه أن يتردد، ويستقر على كل لسان ومن حقه

أن يستقر، ويوجه إلى معالي وزير المعارف ورجاء السائلين فيه أن يجيب!

إننا اليوم نخوض المعركة؛ معركة الحرية والاستقلال، أو معركة الشرف والكرامة. نخوضها ضد الغاضب المستعمر بكل سلاح من أسلحة الكفاح وكل وسيلة من وسائل النضال، وهدفنا المقدس هو أن نتخلص من كل قيد فرضه علينا الاستعمار وأرغمنا على قبوله، منذ أن وطئت أقدامه المجرمة أرض هذا الوطن. . هناك الاستعمار العسكري وقد وقفنا في وجهه حين ألغينا المعاهدة، وهناك الاستعمار الاقتصادي وقد حاربناه حين قررنا مقاطعة البضائع الإنجليزية، وبقى الاستعمار الثقافي جاثما على الصدور والعقول حيث قدر له أن (يحتل) مكانه (المقدس) في المدارس والجامعات!

هل نحن محتاجون إلى اللغة الإنجليزية والثقافة الإنجليزية؟ أشهد أن تلك اللغة ليست أشرف اللغات، وأن هذه الثقافة ليست أعمق الثقافات، ولكن منطق القوة وحده هو الذي أضفي عليهما من زيف الطلاء ما بهر العيون وطمأن الظنون، وأحلهما المحل الأول من قاعات الدرس وأفكار الطلاب في كل مرحلة من مراحل التعليم!!

إنها حقيقة لا تقبل الجدل حين نقول إن تلك اللغة قد فرضت علينا منذ أعوام تقرب من السبعين، وأن منطق القوة هو الذي فرضها علينا كما فرض علينا كل قيد من قيود الظلم والضيم والخضوع. . كان هذا بالأمس. أما اليوم وقد قررنا أن نحطم القيود والأصفاد، وأن نكفر بالعهود والوعود، وأن ننتقل من مرحلة العبيد إلى مرحلة الأحرار؛ أما اليوم وقد قررنا هذا كله فيجب أن نقرن القول بالعمل، وأن نهجر الخيال إلى الواقع، وأن نؤمن بأن الإقدام خير من الإحجام. وإننا لنستطيع. . نستطيع أن نفهم المستعمر أننا قادرون على طرد استعماره العسكري لأننا في غنى عن حمايته؛ وسحق استعماره الاقتصادي لأننا في غنى عن بضاعته، ونبذ استعماره الثقافي لأننا في غنى عن ثقافته. .

ماذا ينتظر معالي وزير المعارف بعد أن وقف معالي وزير الخارجية ليتحدث إلى العالم من

<<  <  ج:
ص:  >  >>