في مقالنا الماضي عرضنا لقرار الحكومة الروسية الذي أمرت فيه بفصل الصبيان والبنات في بعض مراحل التعليم، لأن الذكور والإناث يختلفون في استعداد النمو ما بين العاشرة والسابعة عشرة، فيبطئ تكوين الذكور ما بين العاشرة والرابعة عشرة ويسرع تكوين الإناث، ثم يبطئ تكوين الإناث ما بين الرابعة عشرة والسابعة عشرة ويسرع تكوين الذكور
وهذا مع اختلاف الإعداد للمستقبل بعد انتهاء الدراسة. فالذكور يعدون للجندية والإناث يعددن للأمومة، وكلتا الوظيفتين تدعو إلى تعليم خاص لا يشترك فيه الجنس الآخر ولا يفيده أو يفيد الأمة أن يشترك فيه
وقد قلنا في التمهيد لذلك:(إن الفارق إذا وجد في البنية لا يوجد في زمن ويختفي بعد ذلك أو قبل ذلك في أزمان. بل هو موجود في دخائل البنية وأعماقها، وإن تفاوتت درجات ظهوره بين حين وحين)
وهذا الذي نريد أن نتوسع فيه بعض التوسع في هذا المقال. لأن الاختلاف بين العاشرة والسابعة عشرة ما كان ليظهر في هذه السن لو لم يكن هناك اختلاف مستقر في أجزاء البنية جميعاً من ساعة الميلاد بل من قبل ساعة الميلاد. فالبنية قبل العاشرة كانت مختلفة في خلاياها ودقائقها ما في ذلك أقل ريب، ولولا ذلك لما نشأ الاختلاف في الاستعداد حين نشأت دواعي ظهوره
كذلك يظل الاستعداد العقلي والجسدي مختلفاً بعد السابعة عشرة وإن تواري بعض التواري في بقية أدوار الحياة. لأنه لا يختلف عبثاً ومصادفة بل يختلف لغرض باق هو المقصود لا شك بالاختلاف في مدى تلك السنوات
وهذه حقيقة يستطيع العلم أن يفسرها ولكنه لا يستطيع أن ينفيها ويمنعها بحال من الأحوال. لأن نفيها أو منعها من وراء سلطان العلم والعلماء
فالاختلاف بين الجنسين في الطاقة والملكة موجود من زمن قديم، ونتائج هذا الاختلاف في الحياة العامة والحياة الخاصة موجودة كذلك منذ زمن قديم، وغاية ما ينتظر من العلم أن يفسر لنا أسباب هذا الاختلاف أو يفسر لنا دلالاته ومعانيه، ولكنه ينقض نفسه حين ينفي