لم تكلمني حتى وصلنا إلى (سركه جي) حيث موقف الترام هناك فقالت:
هنا كنت انتظر يا سيدي، وفي كل يوم كنت اركب الترام هنا، ولا ادري كيف أخطأت في هذه الليلة وركبت الترام الذاهب عن (الجسر) لا اليه؟ ولا ادري كيف لم انتبه لذلك؟ كان السبب كما قلت يا سيدي الظلام الحالك والمطر الكثير الذي ادهشني، لو تدري يا سيدي كم انتظرت هنا تحت سيول الأمطار معرضة للهواء الذي يعصف بشدة، وكم لقيت من الانتظار، لقد ظننت أن غشاء اسود قد ستر عيني، لا اقدر أن اصف لك اضطرابي حينما علمت منك أنها آخر عربة تسير في الليل، آه لقد تأخرت كثيرا. - لقد كانت كأنها في حمية عن الكلام ثم تركتها فذهبت فيه مذهبا بعيدا وقالت:
- غريب جدا أن المصادفات في بعض الأحيان تظهر للمرء عجائبها وغرائبها كأنها تسخر منه، لقد فاتني القطار أيضا في (مقرى كوى) لذلك تأخرت حتى ذلك الوقت لأني انتظرت هناك طويلا، ولم يكن يخطر لي على بال أنى هنا سأركب في آخر عربة تسير في الليل وفي غير الجهة التي اقصدها.
فسألتها:
- إذن أنت آتية من مقرى كوي؟
أخذت الكلفة ترتفع بيننا شيئا فشيئا لان وجودي بجانبها طول المسافة التي قطعناها أظهرها على حسن نيتي وجعل لي في قلب هذه الفتاة الشابة موقعا حسنا فأجابتني على سؤالي جواباً طويلا مفصلا، قالت:
اجل يا سيدي إني اذهب مرتين في الأسبوع إلى (مقرى كوي) لإعطاء درس خصوصي هناك لإحدى السيدات، اه يا سيدي! إن حياتي شقية جدا، محتم علي أن اشتغل من الصباح