للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[القصص]

أين المدفع؟!. . .

للقصصي التركي خالد ضيا

كانت المدافع والبنادق تنطلق وتقذفهم باللهب من كل جهة بين دوي متواصل. وانطلقت من بين الجبال التي قبالتهم قذيفة وطارت في الفضاء تخترقه بسرعة البرق، ثم هوت على الأرض فكان لسقوطها القوي السريع دوي شديد هز الآفاق هزاً عنيفا. ثم قذيفة أخرى فثالثة فرابعة. . . قذائف لا حصر لها ولا آخر تمر من فوق الرؤوس وتتساقط حولهم. تلك السلسة التي لا تنقطع من نذر الموت والهلاك

لم يكن هؤلاء إلا فصيلة من الجند معها مدفع واحد تصعد به في سفح جبل شاهق شديد الانحدار، مخيف المنظر. كانت هذه الفصيلة تقتفي أثر ضباطها وسط ركام متراكب من الضباب، مسترشدة ببريق ظبات السيوف في أيدي الضباط السائرين في المقدمة

كانوا يتسلقون الجبل القائم أمامهم، بكل ما وسعهم من جهد وبلاء. مستعينين على ذلك بأيديهم وأظفارهم بل وأسنانهم - إذا لم تكفهم في التسلق أرجلهم. كانوا - وهم يصعدون في الجبل صخرة صخرة - يؤملون في فتح الطريق إلى الظفر، إلى النصر المبين. استجمعوا كل قواهم، وشدوا الحبال على أعضادهم، وكونوا من أجسامهم المتراصة المتماسكة كتلة واحدة وتقدموا إلى الأمام صاعدين في سفح الجبل القائم أمامهم كأنه سد محكم البناء

كان عثمان في المقدمة. فتلفت حواليه. ورأى هذا المنظر العجيب، ثم شخص ببصره إلى قمة الجبل الذي كانوا لا يزالون يتسلقونه. . . آه. لو وصلنا إلى هذه القمة!. . . لو استطعنا وضع هذا المدفع هنالك!. . .

كان هذا المدفع هو كل شيء لهؤلاء الجنود. كان الأمل الذي تحيا عليه نفوسهم، والجنة التي تحفظ أرواحهم. صرخ عثمان في رجاله: (أسرعوا!. . .) صوتت الحبال على أعضاد الجند، وخطا المدفع خطوة خفيفة إلى الأمام، كأنه العروس ليلة زفافها تمشي الهوينا من الخفر والحياء

كان عثمان في المقدمة. يتبع كل خطوة يخطوها إلى الأمام بصيحة من أعماق قلبه قائلا:

<<  <  ج:
ص:  >  >>