عندما يولد الطفل يكون قد حدد مصيره، ذكراً كان أم أنثى، من تسعة أشهر، منذ تألفت أول خلية من خلايا الجنين بالتحام خلية كبيرة تقدمها الأم وتسمى بويضة، مع خلية أخرى من الخلايا الكثيرة العدد التي يقدمها الأب، وتسمى خلية منوية (سبارماتوزيد ثم تتضاعف الخلايا وتنمو سائرة في أحد اتجاهين.
ولكن تحت أي تأثير تأخذ الخلية الأولى الاتجاه الأول أو الثاني؟ ترون هنا أهمية معرفة ما يدخل من عوامل لتعيين جنس الجنين من الناحية العلمية البحتة ومن الناحية التطبيقية أيضاً، إذ لا يخفى أنه لو توصلنا إلى معرفة العوامل التي تجعل الذكر ذكراً والأنثى أنثى وطرق استعمالها حسب مشيئتنا (فنوصي) على ذكر أو على أنثى حسب الحاجة لقلبنا النظام البشري الحالي.
إن علم (البيولوجيا) توصل اليوم إلى معرفة هذه العوامل وأزاح كل غطاء عنها، ولكن رجاله لا يزالون يكررون التجارب ليتمكنوا من استخدام هذه العوامل حسب مشيئتهم. وهذه التجارب التي أجريت أخيراً في هذا الصدد، وقد خصها مسيو جان روستان بكلمة أجملها فيها، هي التي بعثتني على الكتابة في هذا الموضوع لأبين العوامل التي تدخل في تعيين الجنين والاتجاه الذي يأخذه علماء البيولوجبيا الحديثين في تجاربهم هذه.
لنأخذ الخلية الأولى المكونة للجنين: لقد أصبح أكيدا اليوم أن هذه ستكون ذكراً أو أنثى تحت تأثير (الكروموزومات) وهذه عبارة عن ذرات متناهية الصغر توجد في نواة كل خلية. وفي الجنس البشري يوجد ثمان وأربعون (كروموزوم) عند المرأة، ٤٦ متشابهة ثم اثنان متشابهان، ولنسمهما وعند الرجل ٤٦ متشابهة ثم اثنان يختلف كل واحد منهما عن الآخر، ولندعهما
أما البويضة و (السبارماتوزيد) فهما لا يحتويان إلا على نصف عدد الكروموزومات الذي تحتويه الخلايا العادية فكل بويضة تحتوي على + ٢٣ أما السبارماتوزيد فـ ٥٠ % من مجموع عدده تحتوي على + ٢٣ و ٥٠ % على + ٢٣.