للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[نقص أم ماذا. . .؟]

للأستاذ إبراهيم عبد القادر المازني

كان معي - وأنا مدرس في مدرسة دار العلوم - أستاذ إنجليزي كانت بيني وبينه صداقة وثيقة. وكنا نعلم الطلبة مبادئ اللغة الإنجليزية، فأقبل علي يوماً يقول: (لقد أخفقت وأحسب أن من واجبي الآن أن أقنع رؤسائي بنقلي إلى مدرسة أخرى، فما في بقائي هنا خير، ولست أدري كيف تصنع أنت، ولكن الذي أدريه أني أنا أخفقت)

فقلت له وأنا أمازحه: (أقعد، أقعد، وحدث (عمك) المازني بما تعاني وتكابد. ما هي الصعوبة اليوم؟)

قال: (سأخبرك. إن كل طالب يسألني مثلاً عن الفعل - يجلس - كيف انقلب فصار - جلس - فلا أستطيع أن أجيب بكلام معقول مقبول يرتاح إليه العقل. هم يريدون سبباً ويطلبون تعليلاً، وأنا لا أعرف إلا أن هاتين صيغتاه في الحالتين. وقس علي هذا)

قلت: (هل تطيعني إذا أشرت عليك بأمر؟)

قال: (أتمزح؟)

قلت: (أمزح. . . أجد. . . سيان. المهم إنقاذك من الورطة. اسمع يا صاحبي. لقد كنت أظن أنك أفدت شيئاً مما تعلمته من قواعد اللغة العربية. وكنت أحسب أن ذهنك مرن، وأن لك قدرة على الاقتباس والقياس. وكنت أتوهم أنك تستطيع أن تخاطب كل فريق من الناس بما يفهمون)

قال: (لست فاهماً)

قلت: (ألم يعلمك شيوخك في اللغة العربية أن (قال) أصلها (قَوَلَ) وأن الواو فُتح ما قبلها فصارت ألفاً؟)

قال: (نعم)

قلت: (هل تستطيع أن تزعم أن هذا كلام معقول مقبول يستريح إليه العقل؟)

قال: (لا)

قلت: (ولكنك سلمت به بلا جدال، وأخذته عن مشايخك بلا مناقشة أو تفكير، وأجبت به في الامتحان بلا تردد، وأنت تزعم اليوم أنك تعرف العربية حق معرفتها، وأنك أخذتها عن

<<  <  ج:
ص:  >  >>