الإصلاح اصلاحان: منشئ تسيطر به الإرادة على العوامل الخارجية، وآلي بعيد من هذه السيطرة لأنه يبدأ بالتسليم وينتهي بالتسليم، وينقاد للعوامل الخارجية في الأساس والجوهر، ولا يجترئ على مخالفتها وتعديلها إلا فيما هو عرض من الأعراض.
الإصلاح في الحالة الأولى مسألة حية أو مسألة نفسية والإصلاح في الحالة الثانية هو مسألة عدد أو مسألة تطبيق حسابي قلما تشترك فيها الإرادة الإنسانية إلا بالمقدار الضروري الذي لا يمكن منعه، لأن تجريد الأعمال الإنسانية من إرادة وشعور كل التجريد أمر لا يستطيعه الإنسان، إذ هو مستحيل
مثال ذلك فندق في مدينة يراد إصلاحه واستحداث نظام غير نظامه
فعلى قواعد (الإصلاح الآلي) كل ما يفكر فيه المصلحون أن يعرفوا أن أثاثه قديم فهو محتاج إلى التغيير، وتلك معرفة لا تفتقر إلى ابتكار عظيم
وأن يعرفوا أن عدد النازلين به يزداد فهو محتاج إلى بناء جديد فيه كذا من الجوانب وكذا من الحجرات، وتلك معرفة أرقام وتطبيق حساب
وأن يعرفوا أن الخدم مقصرون أو قليلون، ومن السهل أن يصل الإنسان إلى هذه المعرفة بغير قدرة على الإنشاء والاختراع
أما الإصلاح على قواعد الإنشاء والاختراع فهو يتناول فن البناء وموقع الفندق وموافقة الإضاءة والتهوية لأحدث الكشوف العلمية، ودراسة النفوس وما تهواه من منظر ورياضة وطعام وأساليب في الخدمة، وإقداما على سبق جميع الفنادق الأخرى في المرغبات والمحسنات، وتفكيراً في ترجيح المدينة كلها على المدن المرتادة للسياحة والتفرج والاستشفاء، لا يقتصر على انتظار السائحين والمتفرجين والمستشفين حتى يصلوا بحكم العادة إلى المدينة، فيجدوا الفندق الذي لا بد أن يجدوه
كل إصلاحنا نحن ينحصر في القواعد الآلية، ولا يجترئ على جانب الابتكار والاقتحام إلا من بعيد، وبعد فوات الأوان.
وقد ألقيت من يدي كتاب (على هامش السياسة) لمؤلفه صاحب السعادة حافظ عفيفي باشا