أنا أغتاظ وأتألم كلما سمعت الناس يضربون الأمثال بنساء اليهود: بقتالهن في الحروب وعملهن في المعامل والحقول، لأني أجد في ذلك جهالة بتاريخنا، وبسلائقنا، وبما كانت عليه المرأة منا.
إنكم تحسبون أن نساء العرب كن - مذكن - كأكثر من نرى من النساء، جاهلات خاملات، يثرن المشكلات، وينغصن عيش الرجال، أو مترفات مدللات همهن صبغ الوجوه، وتلوين الأظفار، وإنفاق الأموال، فتعالوا أخبركم كيف كانت المرأة على عهد الرسول، صلوات الله عليه، كيف عملت في بناء هذا الصرح العظيم، وشاركت في إقامة الدولة الإسلامية، وكيف سعى نساء من النساء في كل مجال كان يسعى فيه الرجال، في مجال الدين والتقوى، ومجال العلم والأدب، ومجال المعارك والحروب.
وكيف كان منهن (المرأة العاقلة) الحكيمة كخديجة التي وضعت ثاني حجر في صرح الدعوة، وكانت ركنا قويا للإسلام في فجر الإسلام، والتي أخذت بيد النبي صلى الله عليه وأيدته بمالها الكثير، وقلبها الكبير.
و (المرأة العالمة) المعلمة كعائشة التي كانت أستاذة عصرها، وكان فحول العلماء تلاميذ لها، وكانت أعجوبة في سعة روايتها، وحدة تفكيرها، وبلاغة لسانها، وقوة جنانها، حتى دفع بها نشاطها إلى ما ليس من شأنها، فاقتحمت ميدان السياسة وما خلقت له وما خلق لها، لا بالسان والرأي بل بالنار والحديد، فكان من ذلك ما كان.
و (المرأة الأديبة) التي خدمت بالدعاية اللسانية، وبالشعر يوم كان الشعر هو الصحافة وهو الإذاعة وهو سبيل الدعاية لا سبيل غيرها، كصفية، ونعم بنت سعيد، وهند بنت أثاثة.
لما انتهت معركة أحد على غير ما يبغي المسلمون، بمخالفة من خالف منهم الرسول، وقامت هند بنت عتبة على صخرة تقول.