للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[ركن المعتزلة]

إرادة الله في مذهب المعتزلة

للدكتور البير نصري نادر

الفعل الإرادي عند الإنسان يشتمل على إدراك غاية يصل إليها وعلى مشاورة، حيث أن بواعث كثيرة تبدو أمام الإنسان، وعلى عزم؛ اعني اختيار باعث من ضمن هذه البواعث؛ وهذا الاختيار يضع حدا للمشاورة؛ وأخيرا على تنفيذ أو عمل - لكن الله الكلي الكمال لا يعرف المشاورة لأنا دليل على الضعف إذ أنها تشتمل التردد. كانت لذلك أرادته تعالى تختلف كل الاختلاف عن أرادتنا.

تعريف المعتزلة لإرادة الله:

إرادة الله في مذهب المعتزلة من الاعتبارات الذهنية التي يقولون بها مثل العلم والقدرة، والتي لا يوجد حقيقة لأن ماهية الله بسيطة وكاملة. وبناء على ذلك تكون الإرادة هي ذات الماهية اعني أنها قديمة لا متناهية وكاملة. لذلك يقول النظام والكعبي أن الله غير موصوف والإرادة على الحقيقة وأن ورد الشرع بذلك. فالمراد بكونه تعالى مريدا لأفعاله أن خالقها ومنشأها، وإن وصف بكون مريدا لأفعال العباد، فالمراد بذلك أنه أمر بها، وأن وصف يكون مريدا بالأزل فالمراد بذلك أنه عالم فقط - وهكذا ترد المعتزلة إرادة الله إلى علمه اعني إلى ماهيته. وإذ قال النجار (يعني كونه تعالى مريدا أنه غير مغلوب ولا مستكره) فإنه يكرر قول النظام على شكل أخر، لأن لا يوجد في الله ولا خارجا عنه تعالى أي مؤثر يرغمه على العمل، إذ أن علمه تعالى هو أيضاً قدرته وأرادته - ويوضح الجاحظ خصائص الفعل الإرادي بقوله: مهما أنتقى السهو على الفاعل وكان عالما بما يفعله فهو مريد، وإذا مالت نفسه إلى فعل الغير سمي ذلك ميلان إرادة ولكن في الله لا يوجد مثل هذه الميلان، لأن علمه لا متناهي وكامل، فلا يمكننا إذن التكلم عن إرادة الإلهية مثل أرادتنا - أن الله مريد بالمعنى الذي يعطيه الجاحظ لهذا اللفظ أي أنه يحقق علمه - وأيد الكعبي على كل ذلك بقوله إنما دل على الاختصاص على الإرادة في الشاهد لأن الفاعل لا يحيط علما بكل الوجوه في الفعل ولا بالغيب عنه ولا بالوقت والمقدار، فاحتاج إلى قصد وعزم وإلى

<<  <  ج:
ص:  >  >>