للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القَصَصُ

قصة تاريخية:

الجزاء!!

للأستاذ محمد فهمي عبد اللطيف

قال موسى بن نصير (إنها يا صاحبي محنة أحاطت بي من كل جانب، ولقد بلغ عنت الخليفة بها فوق طاقتي، وفوق ما يحتمل الرجل الحر الكريم. عزلني من كل أعالي فأذعنت، وجردني من كل مالي فخضعت، واتهمني بالغدر والخيانة في مال المسلمين فصبرت، وأهانني. . . أجل! أهانني فاحتملت الإهانة بالتوجه إلى الله تعالى أن يثيبني عليها ثواب الصابرين، وإن رجائي في الله العظيم، ولكن الأمر لم يقف عند هذا الحد، فقد فرض علىِّ الخليفة غرماً باهظاً من المال لا أملك منه درهماً واحداً، ثم كانت الداهية الدهياء، فإنه يطلبني اليوم ليجز رأسي بالسيف وقد جئت إليك وأنا بين شقي الرحى. . .)

(واأسفاه أيها الصديق، أيكون هذا جزائي من خليفة المسلمين ومنزلتي في القوم بعد أن بذلت ما بذلت من دمي وجهدي، وخضت المعارك وروحي على يدي حتى فتحت تلك الفتوح العظيمة وضممت الأقطار الشاسعة إلى دولة الخلافة؟! لقد طلعت بدعوة الإسلام على الملوك من مغرب الشمس وكانوا لا يعرفون مكانها إلا في الشرق، ولق وقفت بلواء الخلافة في صميم أوربا وهجمت على ملوكها في عقد دارهم ولولا أن استرجعني الخليفة الوليد بن عبد الملك لبلغت في ذلك النهاية، وبسيفي جلبت إلى ساحة الخلافة كل ما جمع الملوك على طول السنين من النفائس والثروات، وما حشدوا من العديد والمعدات، ثم أرى هذا كله يطوى في مطاوي الجحود والنكران، وتذهب به دسيسة رخيصة من كاشح حقود، أو عدو كنود؟!).

(أصغ لي أيها الصديق، فإنه ليس شأني ولكنه خطر يتهدد سمعة الخلافة ويقف في طريق الفتح الإسلامي، فلن يقدم قائد بعد اليوم كما أقدمت في فتح الفتوح ما دام الجزاء كما ترى، ولو أني أعرف في جهادي وفي تصرفاتي شبهة أستحق عليها اللوم أو نقصاً يوجب المؤاخذة لأسلمت عنقي لسيف الجلاد راضياً مطمئناً قبل أن أسمع قضاء الخليفة علىَّ

<<  <  ج:
ص:  >  >>