للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[القصص]

إلى الواحات الخارجية

جنة الصحراء الغربية

(وجزيرة الناعمين) في عرف قدماء المصريين

من الأصقاع الجديرة بالزيارة في مصر الواحات الغربية تلك التي نجهل عنها كل شيء ولا نذكرها الا في مقام التشويه أو العقاب أو النفي كأنها شقة من الجحيم. فكرت في زيارة تلك الناحية المنبوذة لأرى ما فيها من رهبة ووحشة فإذا بي أنتقل إلى جنة يانعة هواؤها رائق عليل، وتمرها وافر عميم، وماؤها دافق غزير، يحف بكل أولئك كثبان من الرمل الناعم النقي تعلو ورائها نجاد صخرية تمتدإلى الآفاق مما جعل الواحة في ظني خير مزار في الربيع وشطر من الشتاء. أقلني إليها القطار من مصر إلى مواصلة الواحات في عشر ساعات وهناك انتقلت إلى قطار الواحات الصغير الذي سار بنا بين ست ساعات وسبع إلى الخارجة فأخذ ذاك القطار يشق طريقه وسط الحقول الزراعية مسافة هي دون خمسة كيلومترات بعدها بدأ يصعد تدريجيا وقد استحال الطمي الراسب على الأرض رمالاً. وعند الكيلو السادس وقفنا بمحطة: القارة وهي محطة عند اتصال الهضبة الصحراوية بالسهول الفيضية الخصبة. بعدها أوغل القطارفي الصحراء صاعدا وسط واد مجدب ظل يختنق تدريجيا وتقارب القطار جوانبه الصخرية المشرفة حتى إذا قاربنا الكيلو ٤٠ كنا فوق هضبة تنتثر بالحصى. وكلما قطعنا ثلاثين كيلو مترا كنا نقف في محطة موحشة ليأخذ القطار منها الماء ولا يقطنها من الآهلين نفر. وبعد نصف الهضبة دخلنا شبه وادي فسيح غير محدود الجوانب يسميه القوم (وادي البطيخ) لأنه يغص بكرات الصخر المسودة في أحجام مختلفة فتبدو وكأنها البطيخ. وعند الكيلو ١٤٦ بدأنا نهوي خلال مجرى جاف جوانبه رائعة وكان الهبوط سريعا وعرا حتى أن القاطرة حبست بخارها فكانت تهوى المسافة كلها بقوة انحدار ليس غير، ولبثنا نتلوى ليات متعاقبة وسط ذاك الصخر المجدب حتى خرجنا إلى سهل أدى بنا إلى محطة: المحاريق: عند الكيلو ١٦٥ وهي بدء الوهدة التي تتوسطها الواحات ولذلك كنا نبصر على بعد بقاعا تزينها الخضرة في شبح فاتر.

<<  <  ج:
ص:  >  >>