من طرق التفكير الحديث - أهل المريخ وهندسة إقليدس - حساب الاحتمال والحياة على غير الأرض - سكان الأرض وجرام الراديوم - العثور على شيء يشمل العثور على غيره - من الفيزيقا إلى النجموفيزيقا - ومن الاحتمال إلى التحتيم
لا يعتقدن القارئ وهو يطالع عنوان هذا المقال أننا نخرج بكتاباتنا من الفيزيقا إلى الميتافيزيقا فليس هذا الذي قد يتبادر إلى ذهنه بصحيح، فإن ما نكتب لا يمكن أن يخرج عما تعلمناه أو تأثرنا به، وعلاجنا لما يَعِنُّ لنا من مسائل يستند إلى العلم التجريبي الذي لا يعتمد إلا على التجارب العلمية التي يستطيع أن يقوم بها الإنسان، أو العلم النظري الصحيح الذي يقبله المنطق السليم، والذي يتفق والعلم التجريبي أو يقترب منه. فإذا أراد أن يُقنعنا باحث بوجود إنسان مماثل لنا في القمر، فإننا نميل إلى مطالبته بأن يرينا في المنظار الفلكي أثراً من عمل هذا المخلوق القمري ما دام قد فرض أنه مماثل لنا، كمنشأة له مثلاً، وإننا نميل إلى ذلك ما دمنا نعرف أن منظارنا الفلكي بلغ حداً من الإتقان يمكن معه أن نرى المنشآت التي من حجم الجامع الأقصى في القدس أو الرفاعي في القاهرة. وإذا أراد باحث آخر أن يقنعنا أن هذه المنشأة التي تصادف أن رأيناها هي صدفة من عمل الطبيعة، وأن القمر، وهو يتقلص تحت عامل البرودة خلال الملايين من السنين التي يبرد فيها، تكيف على سطحه ذلك الشكل الذي يختلط في المنظار بإحدى منشآتنا، وأضاف هذا الباحث أمراً جديداً يدل عليه التحليل الطيفي الذي يثبت خلو أجواء القمر من الهواء ومن الأوكسجين مثلاً، هذا الخلو الذي يقوم دليلاً على عدم إمكان وجود مخلوق شبيه بنا على سطحه، فإن هذا دليل عندنا يرجح الرأي الثاني.
بهذا الروح نتعرض لمثل هذا الموضوع الخاص بمناقشة الحياة على الكواكب، فليس من عملنا أن نشغل صحيفة العلم بغير العلم؛ والعلم عندنا هو البحث عن الحقائق بالطرق العلمية. ومع ذلك فإننا نسخر من هؤلاء الذين فكروا في التعرف على أهل المريخ بأن يرسموا في إحدى صحراواتنا باللهب وبالحجم الكبير البرهان على نظرية فيثاغورس