للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المعروفة التي يبرهنون فيها على أن مساحة المربع المقام على وتر المثلث القائم الزاوية تساوي مجموع مساحتي المربعين المقامين على ضلعيه، بحيث إذا أبصروا بالمنظار الفلكي وبعد فترة كافية، على سطح المريخ الرسم ذاته، كان ذلك برهاناً على أن المريخ مسكون بمخلوقات شبيهة بنا على الأقل في صفة الذكاء، مخلوقات تدرجت بدورها في العلم فعرفت هي أيضاً هندسة إقليدس

إنما نسخر من مثل هذه الوسيلة القاسية، فقد يكون هناك مريخيون، ولكنهم لم يتجهوا في فهم الكون اتجاهنا، ولم يفكروا فيه على طريقتنا، مما قد يجعل فلسفتهم في الحياة لا تتسق مع فلسفتنا، وأغراضهم لا تمت بأية صلة إلى أغراضنا

إنما نذهب في افتراض وجود هؤلاء أو غيرهم مذاهب أخرى متأثرين في ذلك بما يفرضه (حساب الاحتمال) من إمكان وجود مخلوقات غيرنا، وليس عدم وجود أهل للمريخ، إذا قام يوماً برهان على ذلك، بدليل عندنا على عدم وجود أجناس حية أخرى في مجموع الكون، وما المريخ فيه إلا حبة رمل من رمال الصحراوات العديدة؛ إنما تستمد عقيدتنا في وجود الحياة على غير الأرض قوتها من وجودنا وغرابة أمرنا ثم من حساب الاحتمال السالف الذكر، وهو رياضة لا يدل اسمها على ما تعنيه اليوم ولا على ما تقوم به للعلم من خدمات، رياضة يتحتم بواسطتها وقوع مسائل معينة إذا توافرت اشتراطات معينة، ومع ذلك فلسنا في حاجة هنا إلى استعراض علم من أهم العلوم الحديثة، وكل ما نرغب فيه أن يدرك القارئ أننا نقصد من احتمال التعيين؛ وإننا لنستعين في ذلك بمثال سبق أن تقدمنا به في مناسبة أخرى، عندما ذكرنا للقارئ أنه يتحتم أن يموت من أهل القاهرة في كل أسبوع عدد يتراوح بين الخمسمائة والألف مثلاً. هذا حساب محتمل من أرصاد ماضية وطويلة يصبح حساباً حتمياً للشهر الذي نعيش فيه. إن حياتنا وما يكتنفها من غموض، وعظمة الكون واتساعه وعدم استقرار، ووجود الكواكب العديدة، لا حول شمسنا فحسب بل حول ملايين غيرها من الشموس، ووجود جميع الأقدار في المسافات، ثم أتساع نطاق العلم في معرفة خواص الكون ودرجة انتشاره وعظم مسافاته وطول زمنه وعرفة قوة شموسه وكثرتها، والوقوف على حقارة أرضنا التي نلعب فيها دوراً غير ملحوظ، دوراً لا يُؤثر في هذه المجموعة الكبيرة التي تحيط بنا، كل هذا يجعل وجود الحياة على النحو الذي ألفناه أو

<<  <  ج:
ص:  >  >>