قرأت مع الغبطة نبأ ذلك الاقتراح الجليل الذي تقدم به صديقي الأستاذ العميد الدكتور طه حسين إلى مجلس إدارة الجامعة المصرية بوجوب إنشاء كرسي خاص للأدب المصري الإسلامي؛ وهو اقتراح لا ريب أن سيلبيه المجلس الجامعي الموقر، وسيلقي بلا ريب تأييداً حاراً من كل أولئك الذين يقدرون تراث التفكير القومي، ويعتزون به، ويتوقون إلى بعثه وإحيائه واستعراض نفائسه، بعد أن طال الأمد على إغفالها ونسيانها.
ولقد حاولت منذ أعوام أن الفت النظر إلى وجوب العناية بدراسة تأريخ مصر الإسلامية وآدابها، وحاولت جهدي أن أحث الشباب المتأدب على قراءتها ودراستها، وكان من بواعث دهشتي أن الجامعة المصرية الفتية لم تفكر منذ قيامها في إنشاء كرسي خاص لتأريخ مصر الإسلامية، وكرسي آخر لآدابها إلى جانب ما أنشأته من كراسي خاصة للتأريخ الأوربي والآداب الفرنسية والإنكليزية؛ فإذا كان الأستاذ العميد يتقدم اليوم باقتراحه بإنشاء كرسي خاص للأدب المصري الإسلامي فهو إنما يعبر في ذلك عن أمنية قديمة لنا جميعاً، والجامعة إنما تعمل بتحقيقها على استدراك نقص في دائرة الثقافة القومية كان خليقاً أن يستدرك منذ بعيد
والواقع أن الأدب المصري الإسلامي لم ينل في عصرنا شيئاً من العناية التي هو حقيق بها، في حين أن كثيراً من نواحي الأدب الأخرى من شرقية وغربية تنال من عنايتنا أوفر حظ؛ وما زال الأدب العربي يقدم إلينا في صورته العامة ويمثل لنا بنوع خاص في الأدب العباسي، وقلما نعني بدراسة نواحيه الخاصة، بل إن الشباب المتعلم ليرغب اليوم عن الأدب العربي كله ويتجه شطر الأدب الغربي، ويعرف عن تطورات الأدب العربي وخواصه؛ ويعرف من شخصيات الآداب الأوربية وآثارها ما لا يعرف عن شخصيات الأدب العربي وآثارها؛ وإذا كانت ثمة أقلية من الشباب المتأدب تعنى بالأدب العربي عل وجه التعميم، فهي قلما تعنى بدراسة شيء من تراث أدبنا المصري
ونحن نعرف الأسباب التي يرجع إليها هذا الشذوذ في ثقافتنا الأدبية وهذا الانصراف عن