للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[دراسات في الأدب]

للدكتور عبد الوهاب عزام

الأدب يصور البيئة العامة

قلنا إن الأدب هو البيان المعرب عما يكنه ضمير الإنسان، وما تشعر به عاطفته، وما يصوره خياله من هذا العالم خيره وشره وجماله وقبحه؛ فهو صورة للبيئة التي يعيش فيها، والواقعات التي تنزل به، والآلام واللذات التي يحسها، والآمال والمكاره التي يرتقبها

يرى في إقليمه المروج والرياض في بهجتها ونضرتها، والجبال والبحار في عظمتها وروعتها، والغابات والصحارى في وحشتها ومخاوفها، فيبين عما يرى كما توحي العاطفة ويصور الخيال.

ويرى ألوانا ًمن العيش الرغد أو العيش النكد، وضروباً من السرور واللهو أو فنوناً من الحزن والغم

ويرى دولات من الظفر والغلب، وأخرى من الخيبة والهزيمة، فيتعاون على الإبانة عن هذا وذاك فكره وعاطفته وخياله

ويشهد شقاقاً في أمته، ونزاعاً بين عشيرته، أو يرى المودة والسلام والألفة والوئام، فيطبع في نفسه صورة الشقاق والنزاع والحرب والطعان، أو يتمثل في ضميره صور المودة والسلام والحب والإخاء

ويحيط به سلطان جائر يتحكم في فكره ووجدانه، ويسومه صنوف الذلة والعذاب، فيستنيم ويستكين حتى تموت المعاني في وجدانه، وتجف الألفاظ على لسانه، أو يأبى مجادلاً، ويصيح مغاضباً، ويتخذ البيان حجته وسلاحه، وجداله وكفاحه أو يتاح له سلطان عادل صالح يوسع له في الحرية ما وسعت الحرية الصالحة، فينطلق فكره في العالم، ويترجم عما يدرك وبشعر جهد بيانه، وملء قلمه ولسانه، لا يخشى حسيباً، ولا يخاف رقيباً

ثم البيان في هذا كله على قدر الفكر الساذج والمعارف القليلة، أو العقل الواسع والعلم الغزير، يختلف باختلاف مدارك القائل ومعارفه، ومشاهده وتجاربه

تغير الأدب

<<  <  ج:
ص:  >  >>