كل ما قلته عن (حدود المدرسة الأدبية) في كلمة سابقة من هذه الكلمات، يمكن تطبيقه بلا تحفظ على (مدرسة العقاد)؛ فهي مدرسة في الأدب كما أنها مدرسة في الحياة، يلتقي منها تلاميذها على سنن واضح ونهج صريح، ويجدون فيها تفسيراً معيناً للحياة والفنون، يشتمل نوع الإحساس ولون التفكير، وطريقة التعبير، بل يشتمل فوق ذلك قواعد المنطق والسلوك، وتقوم الأشياء والأشخاص، وتقدير الحوادث والأعمال!
وهي مدرسة متبلورة، واضحة السمات، لا يجد الناقد مشقة ولا عسراً في اختيار عنوان لها، يمثل ويلخص أكبر ما تستطيع العنوانات تمثيله وتلخيصه
هي مدرسة (المنطق الحيوي)
والنسبة هنا إلى (الحياة) وإلى (الحيوية) جميعاً. . . إلى (الحياة) لأن مرد الحكم على كل قول وكل عمل هو ما تقوله الحياة وما تصنعه، ومنطقها هو المنطق المطاع في جميع الأحوال.
كل ما تصنع الحياة يُرجَّى ... من بنيها قبوله واغتفاره
فإذا أنكروا قبيحاً، ففي القبـ ... ح من الموت لونه أو شعاره
وإلى (الحيوية) لأن مرد الحكم على كل قول وكل عمل هو باعثه، ومدى الحيوية في هذا الباعث. وقد تتشابه مظاهر الأقوال والأعمال ولكنها تتفق في (الرصيد) المكنون لها من الباعث الحيوي ليتوحد الحكم عليها، وقد تتفق مظاهرها ولكنها تختلف في الرصيد فيكون ذلك مناط الاختلاف
أستاذ هذه المدرسة الأعظم هو الحياة ذاتها، لا الفكر المجرد، ولا المنطق الذهني، ولا مواضعات المجتمع الاصطلاحية، ولا قواعد الخلق المتعارفة، ولا المذاهب الفنية المعنونة.