وراثة التشاؤم - خطأ في فهم الفكرة الأساسية في الحياة - نتائج خطيرة تتصل بالعقائد الثلاث في الحياة وواهبها والإنسان - الإنسان مبعث أكثر الشر - ضيوف الحياة يسخطون على المضيف! - الحياة جديرة باختيار الخروج إليها من العدم - لا خلط بين عالم الطبيعة وعالم الإنسان - في عالم الكلام كثير مما لا وجود له في الطبيعة - تنقيح سجل الفضائل وسجل الرذائل - الأخلاق (تفاعلات) أرضية وليست منزلة من السماء - إلى الذين يديمون التفكير في الإنسان والطبيعة
قال المتنبي:
صحب الناسُ قبلنا ذا الزمانا ... وعناهم من أمره ما عنانا
وتولوا بغصةٍ كلهم من ... هـ وإن سَرَّ بعضَهم أحياناً
ربما تحسن الصنيعَ ليالي ... هـ ولكن تكدر الإحسانا
وكأنَّا لم يرض فينا بريب ال ... دهر حتى أعانه من أعانا
كلما أنبت الزمان قناةً ... ركب المرء في القناة سنانا!
وهكذا تلقى أكثر الناس ساخطاً على الحياة متبرماً بها، ناقماً على القدر، يستشعر في قلبه غيظاً دفيناً قد يكتبه الإيمان حيناً وقد يبعثه الجحود أحياناً، فيثور حتى يسخط على اليد التي أخرجته إلى الحياة ووضعت في قلبه شعلتها. . . وقد وقر في الصدور أن الحياة محنة وعناء أكثر مما هي فرصة للذات واهتبال الخيرات واكتساب المعارف وخروج من دائرة الجمود والموت والعدم إلى نطاق الإحساس والانفعال والنمو والمعرفة.
وقد ترجم الأدب القديم والأدب الحديث عن تلك الآراء المتشائمة السوداء ترجمة ملأت كثيراً من الصحف، وتوارثها الخلف عن السلف وزاد كل عصر في مجموعها، حتى صارت نظريات مسلمة رضيها أكثر الناس وتدارسوها فيما بينهم وعلموها ناشئيهم قبل أن يختبر هؤلاء الناشئون وجوه الحياة بأنفسهم وتجاربهم، فلونت مناظيرهم بالألوان القاتمة، واستقبلوا الحياة بوجوه عابسة، حتى في أدوار الشباب اللاهي القوي المتفتح الضليع الخليق بحب الكفاح وطلب المجد عن طريق القوة والفتوة، وترصدوا الأقدار على أنها