قرأت ما كتبتم رداً على مقالي عن الفقه الإسلامي والروماني وأشكركم على حسن ما ظننتم بي من الغيرة الدينية وجميل الأدب في النقاش. وبما أنك أيها الأستاذ قد تنكبت في ردك جوهر الموضوع في مقالي إلى ناحية أسلوب التفكير وصحة الانتقال والاستنتاج - كما عبرت - مكتفياً ببيان أنك قد أطلعت على الموضوع نفسه وأنه قد نشر في مصر - وربما بنصه - منذ ربع قرن مضى الخ، وقلت إنك قرأته ولا تزال تذكره جيداً ومع ذلك قلت فيما قلت عن تأثر الأوزاعي بالفقه الروماني الخ.
فإني أقول لك - على تسليم ما ذكرت -: إني لم أكتب ما كتبت متهماً لك في معارفك ومعلوماتك، ولا لأن أقنعك أنت وحدك فقط دون الجم الغفير من قراء (الرسالة) الغراء الذين قد قرأوا ولا شك رأيك ورأي غيرك في الموضوع إلا لما كان الأمر في حاجة إلى نشره في صحيفة سيارة كا (لرسالة)، فالأمر قد صار أعم من أن يختص بي أو بك. أفليس من اللازم أن تجيب - ولو بإيجاز عن كل ما كتبت ونبسط للقراء رأيك مدعماً ببراهين لا تنقص - على الأقل - عن براهين مناظرك، وبذلك تكون قد أنرت السبيل للقراء لأن يهتدوا برأيك ويتفقوا معك على تأثر الفقه الإسلامي بالفقه الروماني. وإلا فلا معنى لأن تفتح باب البحث مختاراً، ثم إذا دعيت إلى بسطه عمدت إلى سده متعللاً بضيق الوقت.
لا يا أستاذ! إن الوقت الذي تعتذر بضيقه الآن قد أتسع لدرس علوم وفنون وصنائع قد ضاق عن أقلها الزمن الماضي، فلماذا يضيق ذرعاً بالخوض في هذا البحث وحده؟
وإذا كان قراء الصحف الأسبوعية لا ينشطون للمناقشة الفنية كما قلت فإني اجل قراء (الرسالة) بخاصة عن ذلك فالرسالة في اعتقادي هي الصحيفة الأسبوعية الجدية الوحيدة التي ينبغي أن تضطلع برسالة العلم - كما يعبر اليوم - والأدب والفن، وارى أن قراءها كذلك يمتازون من قراء غيرها من الصحف على أن الصحيفة الراقية هي التي ترفع قراءها إليها لا التي تنزل إليهم والآن اخذ في ذكر ملاحظاتك على مقالي والرد عليها.
وابدأ أولاً بأخذك عليَّ قولي: إن الأخذ والتأثر يجريان إلى مدى واحد بقولك: (إن التأثر قد