للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[القصص]

من الأدب الإيطالي

عدو. . .

كان جالساً في حجرة المطالعة إلى نضد بجوار النافذة شارد اللب، مشتت الخاطر، يحدق في الفضاء المترامي أمامه لا يثبت شيئا ولا يحققه، وقد اضطربت في رأسه خواطر. . خواطر سوداء يريد أن يطردها بما ينفثه من دخان سجائره. كان كذلك حين نادته زوجته من خلف الباب: (بيتروا! بيترو؛ أأستطيع الدخول؟) ثم. . ثم دفعت الباب في رفق وهي تقول: (أرجو أن تعيرني سمعك قليلا. سأقص عليك خبرا هاما) وتقدمت في هدوء وهي تلوح بمنديلها تطرد به سحب الدخان المتكاثفة هنا وهناك: لقد أفرطت في التدخين يا بيترو، وهو يهد من كيانك. لماذا تجلس صامتاً في الظلام؟ وكان ثوبها الحريري الجميل يحف حفيفاً خفيفا، وقرطها الماسي يشع نورا؛ وكانت هي تبدو أنيقة جذابة لأن هذا اليوم هو يوم الاستقبال. . .

وزفر الزوج زفرة عميقة ثم نظر إلى زوجته وهو يبتسم في تهكم ويقول: (لماذا رتبت شعرك بمثل ما أرى وقد جاوزت سن الفتاة؟) فاضطربت شفتاها وقالت: (إن شعري لا يلبث أن يتشعث، ولكن لابد للمرء أن يبدو أنيقاً حين ينتظر قدوم الزائر)، وفي لهجة السخرية قال: (حقا. إن هذا اليوم عظيم. إن النواقيس لا تنفك ترن رنينها العذب. . .)

واقتربت الزوجة رويداً رويداً من زوجها وقالت هي تبسم في رقة وقد طرحت وراءها كل تهكماته: (أتعرف سالفيتي القانوني الشاب؟ إن أمه كانت هنا اليوم؛ أفهمت ما أعني؟)

فقاطعها الزوج في جفاء وقال: (لا، أنا لا أعرفه)

(إنك تذكره تماما! القانوني الشاب! أنه يبدو أنيقا رقيقاً!)

(أنا لا أذكره)

وفي الحق لقد كان بيترو يعرف الشاب، ولكن أي قوة على الأرض تستطيع أن تنتزع من بين شفتي هذا العنيد اعترافا؟

فقالت الزوجة في رقة: (لا بأس فأنا موقنة بأنك ستذكره حين تراه. لقد أسهبت أمه في وصف ابنتنا إيلينا بصفات الجمال والكمال والرقة والأنوثة و. . . ثم راحت تطلبها زوجا

<<  <  ج:
ص:  >  >>