لابنها الشاب في رجاء واستعطاف فوافقت، وسيزورك زوجها بعد. . .)
(وافقت؟ أحقا ما تقولين؟)
وصاحت المرأة:(بيترو، أي زواج خر من هذا الزواج؟ وإيلينا تهوى الفتى!)
وانتفض الرجل كمن مسه طائف من الشيطان يرعد ويزأر هائجاً مضطربا (وكيف؟ كيف استطاعت الفتاة أن تغرم بهذا الشاب؟ أين تلاقيا؟ أريد أن أعرف. . . وأنت. . . أنت التي لا تعرفين معنى الأمومة، كيف تركت لها العنان لتندفع في طريقها طائشة؟ هيه! نعم! لقد سمحت لابنتك أن تحب رجلا لا أعرفه. لعلهما تراسلا أيضا! ولعلك كنت واسطة بينهما! لقد تمت القصة وعلى عيني ستار كثيف أسود!)
واضطربت المرأة، وخارت قوتها، وطار عنها ثباتها، فغطت وجهها بيديها تخفي بعض خجلها، وتستر ضعفها النسوي المنسكب من عينيها، ثم راحت تنتزع الكلمات من بين شفتيها انتزاعا:
(لا لا يا بترو، لقد ظننت أني أحمل إليك بشرى، لماذا أنت كذلك؟ لماذا؟ ماذا اقترفنا، وأي غرابة في ذلك؟ شابان راق كل منهما في نظر صاحبه فتعلق أحدهما الآخر وأحبه، وبادله الآخر حبا بحب وغراما بغرام؛ أليس هذا ما كان بيننا يا بيترو؟ أنت ظالم)
وكان الرجل ظالما، وبدأ ف جلسته مهموما مضطربا، وقد تدلى رأسه كأن فيه ثقل جبل، وكانت أفكاره تضطرم اضطراما، وأحس كأنما يعاني ألما ممضا، وحين كبح جماح غضبه ارتد هذا في جسمه فتوراً واستخذاء، واستيقظ ضميره يخزه وخزات شديدة تؤلمه، كما آلمته أعصابه المضطربة من قبل. نعم لقد أحب سليليا وهام بها، فسعى إليها وقد اختارها لنفسه، ثم. . . ثم فاز بها بعد طويل عناء. أنها قصة غرام قديم. . . قديم منذ نيف وعشرين سنة؛ ولكن الحقيقة لا تهزم، وعلى رغم أن العقد الثالث من عمر سليليا قد انفرط منذ زمان إلا أنها لا تزال جذابة جميلة. أما هو. . . وهو يحبو للخمسين يبدو للعين كمن جاوز السبعين، أما قلبه فما برح شابا يؤمن بالحب، ويحبوه بما في رأسه ويده معا، لذلك. . . لذلك كان الرجل ظالما.
وحين تراءى له في خياله كل ذلك تقارظته الهموم فصاح:(سليليا، أعصابي!. . . دعي هذا الأمر الآن. . .).