فلا وسيلة غيره على ما يظهر لحفظ النور ولو أطبق الديجور، وأحاط بالدور ظلام كظلام القبور
وقديماً عرف الناس الورق الذي يحفظ النور للعقول والسرائر وهاهم أولاء يعرفون الورق الذي يحفظ النور للعيون، حين يصبح النور خطراً من أكبر الأخطار
وهل كان النور قط إلا خطراً من أكبر الأخطار، وهدفاً للشياطين والفجار، وللجهلاء والأغرار، ولكل من يكره الإبصار، لأنه مخلوق لعالم العماية، غريب في عالم الأبصار؟!
من الذي ضربوه لأنه في الظلام؟ ومن الذي تركوه لأنه في النور؟
إن الذي في الظلام لآمن مستور
وأن الذي هو هدف الرماة في الحرب والسلم وفي الأرض والهواء وفي الغيبة والحضور، لهو الذي في النور في هذه العصور وفي جميع العصور
وما صنعت (وقاية المدنيين) في أيامنا هذه إلا أن كشفت السر (للجمهور)، وهو أغنى الأسرار عن الكشف وأحقها بالظهور.
والأمر هين بحمد الله: لفة من الورق الأزرق أو لفتان أو لفات ثلاث، والنور محفوظ لعينيك من وراء الحجرات، محجوب عن طيارات الخيال وطيارات الواقع. . . لا سمحت بها السماء، ولا اتسع لها الفضاء
وإني لأحمد الله على تجارب الوقاية، لأنها خليقة أن تحبب الاعتكاف إلى أكثر الناس، وإن كان بعض الناس ليخافون العزلة أشد من خوفهم أخطار التجارب والغارات
ونحن المصريين محتاجون إلى تجربة الاعتكاف، لأننا من أقل الأمم طاقة به وصبراً عليه. وما ظنك بمصري يمكث في بيته ثلاثة أيام لا يريمه ولا يبرم بمكثه فيه؟ ذلك في رأي نفسه شهيد أعجب في استشهاده من ماكسويني وصبره عن الطعام ستين يوماً أو تزيد!!