ارتعد الطفل خائفاً مذعوراً، فالتصق بصدر أمه الحنون. . فكأن معجزة حدثت فأنطقته:
- أماه! إنني خائف. .
فأجابت الأم:
ليس هناك ما يدعو إلى الارتياع يا صغيري. .
وما هذا الصوت الرهيب الذي ينبعث من بعيد؟
انه نباح كلاب وعواء ذئاب!!
ولم تعوي في مثل هذا الوقت؟
شراسة وجوعاً. . . نم يا حبيبي!!
ألا تعوي في غير هذا الوقت؟
في الليل غالباً. . .
وفي النهار؟
قلما. . .
عجباً!! أتعلمين يا أمي العزيزة الأسباب؟
نحن الآن في جوف الليل. . . والظلام مخيم. . فنم. .
ولم ينطق العواء البعيد من الكلاب والذئاب ليلاً. .؟ هاأنذا أسمعه. . انه مفزع يا أماه!! أليس كذلك؟
بلى. . وان ضوء النهار الرائق يخنق الأصوات الناشزة القذرة. . وفي الليل حين يتلبد الجو بغمائم خانقة، ويهبط القتام. . وتعمى البصائر ووقر فظيع يصيب آذانها، فيحلو لمثل تلك المخلوقات البغيضة أن تنبح وتعوي وتطلق صراخها المزعج. .
وهل تأكلنا إذا خرجنا إليها؟
أجل. . بعد ما تنشر في الكون الهلع وتبذره في القلوب ويزرع في النفوس القلق والزعزعة، عند ذاك. . . من الأفضل أن ترقد يا ولدي!