للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قلت للراقص الأول:

ألا توضح لي شيئاً عن هذا الاحتفال؟

فقال: - الاحتفال هو ملكة الرقص ورقص الملكات، أما تعلم أن الرقص قد فقد بهاءه وجماله منذ ذلك الحين. . . وصار يتمتم بعبارات غامضة لم أفهم شيئاً منها. وقد اضطرب في وضعه، ونزل عن الغصن وسارت أمامه عشيقته لاكاستريس، فحدقت ببصري إليهما، وأنا مضطرب النهى فاقد الإحساس والشعور، فاعتراني الحزن لمنظر ذلك الشبح المحزن، وسبحت في فكر عميق.

فاستمرا واقفين لحظات، وقد أتما دورة الرقص، وأخيراً ابتسما ابتسامتهما المعروفة، وتعانقا عناقاً حاراً، وتنهدا تنهدات عميقة، ثم فارقتهما.

وغادرت المدينة بعد ثلاثة أيام، ولم أعد أراهما، فرجعت إلى باريس بعد سنين ورأيت الحديقة وقد خيم عليها الذبول، وساءلت نفسي عن حالة هذين الزوجين الحبيبين وما كان من أمرهما بعد ذبول تلك الحديقة الغناء، هل توفيا أم لا يزالان على قيد الحياة، وهل يرقصان في مكانهما المعهود؟. . .

لقد عاودتني تلك الذكرى، واستقرت جروحها في فؤادي، وإني لأرى فيها أغواراً عميقة لمصابيح الروح التي تعبر عن خلجات نفسي، عرفت الحياة وآمنت بأنها متاع الغرور، وكيف!. . .

لا أستطيع القول، ستجده مضحكاً جداً بلا ريب. .

زكريا أحمد قليبو

مدرس ومدير مدرسة الحكمة بفلسطين

<<  <  ج:
ص:  >  >>