نشرت مجلة أوربا التي يشرف على تحريرها الأستاذ رومان رولان أشهر كتاب فرنسا المقيم في بلدة نيوفيل على شاطئ بحيرة ليمان بسويسرا، دراسة مستوفاة عن حوادث السياسة التي استجدت في أوربا بعد ظهور الفاشية والنازية، وألم فيها ببحث جليل عن حياة هتلر وموسوليني بقلم كاتبة أسراره سنيورينا ليندا رينا لدي وهي التي خدمته بضع سنين، فآثرنا تلخيصها لمجلة الرسالة التي يعد دخولها في عامها السابع فتحاً جديداً في العلم والأدب والثقافة العصرية
(ل. ج)
في تاريخ الأمم وأخلاقها ساعات حاسمة ومواقع فاصلة فتتميز عن الأخرى وتفضلها بالطريقة التي تقابل بها صروف الدهر في تلك الساعات وهاتيك المواقع. ومثلها في ذلك مثل الأفراد لدى الملمات والشدائد، فترى أمة يهولها الاعتداء الأجنبي عليها ويفت في عضدها ويضعف من نخوتها وينهك من إرادتها، وما تزال تنحط وتتهالك وتنحل عناصرها حتى تتوارى وتهلك. وهذه عاجزة عن الكفاح في سبيل الوجود وهي أمة كتب عليها الفناء. ولا فرق في ذلك بين أمة قديمة أو أخرى حديثة، عريقة أو طارئة، متدينة بدين منزل أو وثنية، شرقية كانت أو غربية. وهناك أمة تزداد قوة كلما تعرضت للآلام، وتنمو فيها الفضائل الدفاعية والهجومية كلما اعتدى عليها الأغيار أو قبض على خناقها الغرباء والغرماء. تتيقظ فيها فكرة المجد كلما حاقت بها الأخطار، وتدب فيها حيوية جديدة كلما حاول عدوها إدناءها من الموت، وتسري في أعضائها دماء جديدة وتجري في أعوادها أمواه الحياة
لا نريد أن نعرض للنظامين النازي والفاشي بخير أو بشر، لأننا لا نريد أن ننزل بهذا البحث إلى مستوى الجدل، فإننا نحب أبداً أن نحلق فوق الحوادث الراهنة وإن كنا نحترم السياسة ونقدرها. ولكننا نعلم أنها كثيرة المزالق، ومواطن التحليل فيها تدني من الخطأ الذي قد لا يغتفر. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن النظام الفاشي الذي ابتكره السنيور