بنيتو موسوليني المعروف في العالم باسم دوتشي أي الزعيم، وتبع آثاره هيرادولف هيتلر المعروف في العالم باسم فوهرر أي الزعيم أيضاً، قد أثبت وجوده وقدرته على الحياة فقدم بذلك البرهان التاريخي الذي لا بقاء لنظام اجتماعي أو سياسي بدونه، كما قدمت حكومة السوفيت برهانها منذ سنة ١٩١٧ إلى يومنا هذا. وفوق هذا قد أثبت هذا النظام والقائمون به أنه أدى لوطنهم خدمة جلَّى وقضى على شرور كثيرة وجلب خيراً وفيراً ودلَّ بذلك على أنه النظام الصالح للوطن الإيطالي، نظام المستبد المحب للخير وقد أثنى عليه كل من شهده وجنى شيئاً من ثماره داخل إيطاليا. وقد قلب إيطاليا رأساً على عقب، وقال بعض محبذيه إنه جعل من بلادهم جنة على الأرض، وإن الذين زاروا إيطاليا قبل تفشيه يكادون لا يتعرفونها بعد انتشاره وقيامه وتسلطه، لأنه صبغ كل شيء بصبغته التي أساسها النظام المطلق والآمن المطلق والأمانة المطلقة، ولكن هذا النظام العجيب الذي وحد كلمة الأمة وجعلها كرجل واحد وأخضعها لرجل واحد وعلق سائر آمالها برجل واحد، قد حكم عليه ذووه بأنه نظام قومي، حتى خطب الدوتشي نفسه فقال (إن الفاشية بضاعة لا تصلح للتصدير، ولا تضمن أرباحها خارج حدود إيطاليا) ولا نعلم إن كان قال هذا القول تواضعاً أو حثاً للأمم على الاقتداء به، ولكن وجب علينا أن نصدقه لأن رب الدار أدرى بما فيها. وإن كان هذا النظام قد انتحله هيتلر بتحوير كبير وطبقه في بلاده حتى بذ التلميذ أستاذه. ولم نسمع بصاحب مذهب سياسي أو اجتماعي قبل الدوتشي يحجر على مذهبه ويحرم عليه الخروج من كسر بيته، بل تعود أصحاب المذاهب أن ينسبوا إليها الصلاحية المطلقة والقدرة والنجاح في كل زمان ومكان؛ وإذن لابد أن يكون سنيور موسوليني قد ذكر هذا الرأي عن مذهبه لحكمة خفيت عن سامعيها في حينه. وإلا فكيف كان اغتباطه بالنازية واتحادهما وابتكارهما محور برلين وروما، ثم تشجيع فرانكو في وطنه حتى ذاق الأسبان بأس بعض وخربت بلادهم حتى صارت يبابا باسم مناصرة الفكرة الفاشية النازية. وأظن بعض الناقدين ألمعوا في كتبهم فقالوا أنه نظام يعلق الأمة بأهداب رجل بعينه، فإن شاخ أو مرض أو مات تعطلت الإدارة الحكومية وتلكأت في انتظار ظهور خير خلف لخير سلف، في حين أن الواجب يقضي بأن تكون القوانين العامة والخاصة هي الأداة الصالحة للحكم بدون اعتبار الأشخاص. ومهما يكن حكم المستقبل على الفاشية فإن الكثرة من الكتاب