للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[حجر رشيد والقلم الهيرغليفي]

للاستاذ عبد الفتاح الزيادي مدرس التاريخ والجغرافية بدار العلوم

تعإلى الله كان السحر فيهم ... أليسوا للحجارة منطقينا

(شوقي)

إن هذا الحجر وثيقة تاريخية خطيرة أدت إلى فك رموز الكتابة الهيرغليفية (المقدسة) ففتحت ما غلق من تلك المدينة المصرية القديمة التي ترعرعت على ضفاف النيل ودنت قطوفها حتى عمت جهات البحر الأبيض الشرقية.

قد هذا الحجر من صخر البازلت، وهو نوع من الحجارة البلوتونية السوداء المعروفة بصلابتها، وهو يرى الآن قائما في الطرف الجنوبي من غرفة الآثار المصرية بالمتحف البريطاني. أطلق عليه المؤرخون هذا الاسم بعد العثور عليه في مكان قريب من مصب النيل الغربي بالقرب من موضع رشيد. وقد قرر بعض المؤرخين انه كان ملقى على الأرض وقت أن عثر عليه، وقرر آخرون انه وجد مبنيا داخل جدار قديم كان نابليون قد أمر ثلة من جنوده بهدمه ليعزز ذلك الحصن الذي عرف بعد ذلك باسم حصن (القديس جوليان)

أما الذي عثر عليه فهو الضابط (بوسار) من فرقة المهندسين الذين رافقوا نابليون في حملته على مصر في أغسطس سنة ١٧٩٩ ورقي عقب ذلك إلى رتبة جنرال (قائد)

لما لاحظ (بوسار) ما على وجه الحجر الأملس من الخطوط والنقوش الغريبة أيقن إنها لابد أن تكون خطوطا من قلم خاص، وسرعان ما كاشف رئيسه الجنرال (منو) بما لاحظه، فأمره هذا بنقل الحجر إلى منزله بالإسكندرية، فنفذ بوسار الأمر وظل الحجر زمنا في بيت (منو) لا يعلم أحد من أمره شيئا حتى ادعى (منو) ملكيته واعتبره جزءا من متاعه الخاص

ولما علم نابليون بما كان من أمر هذا الحجر أصدر أمره للجنرال (منو) بنقله إلى القاهرة فصدع منو بالأمر، ونقل الحجر إلى (المعهد الوطني) الذي أسسه نابليون في المدينة، وما ذاع خبر نقله حتى تهافت عليه جمهور العلماء المرافقين لنابلون فأثار دهشتهم، وأصبح منذ ذلك الحين موضع اهتمامهم واهتمام العاهل العظيم الذي رأى ضرورة فك طلاسم ما عليه من النقوش. أمر نابليون بأن تطبع من تلك الرسوم نسخ توزع على طوائف العلماء في

<<  <  ج:
ص:  >  >>