للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[البريد الأدبي]

ترجمة جديدة لجان جاك روسو

كتبت حياة جان جاك روسو فيلسوف النفس والطبيعة مراراً وتكراراً؛ وحتى لم تحرم العربية من ترجمة لروسو وتحليل لنظرياته وكتبه بقلم الدكتور هيكل بك، ولكن الباحث في حياة روسو يجد فيها دائما من الجديد والطريف ما يشجع على استعراضها وتصويرها. وقد صدر أخيراً بالألمانية كتاب جديد عن حياة روسو عنوانه (الأحلام والدموع) ? بقلم الكاتب النمسوي هانز يوليوس فيلي تناول فيه حياة المفكر من ناحية جديدة هي ناحية العاطفة والمشاعر؛ وربما كانت هذه الناحية من حياة روسو هي أخصب وأدق ناحية في شخصية ذلك الذي أراد أن يصوغ الحياة طبقا للعاطفة والمشاعر الإنسانية. والواقع أنك إذا حاولت أن تحكم على شخصية روسو من أعماله وحوادث حياته فقط، فان مثل هذا الحكم لا يمكن أن يتفق مع خلال هذه العبقرية العظيمة، بل يتنافى مع كل ما فيها من الاضطرام والسمو؛ وإذا كان روسو هو ذلك الروح المضطرم الذي يرتفع بالفكرة الإنسانية إلى أسمى مواطنها، وإذا كان هو مؤسس المذهب (الرومانتيكي) وإذا كان قد نفذ بتأثيره الساحر إلى عبقريات مثل جيته وشلر، فإن في جوانب حياته الخاصة ما يلقي حجابا على عبقريته وسمو خلاله، فهو، وهو الذهن الحر، يأبى مدى ثلاثة وعشرين عاماً أن يسبغ على شريكة حياته وأخلص النساء إليه - تيريز ليفاسير - شرف الزوجية، ويقول لنا إنه تزوجها رغبة ودون إرادة؛ وهو المؤسس لمذهب جديد من التربية، يرغم زوجته على أن تبعث بأولادها الخمسة إلى ملجأ اللقطاء؛ وهو رجل النفس والعاطفة يطأ بقدميه أقدس وأعمق عواطف زوجه، وهو في جميع أعماله وتصرفاته ينم عن أثرة عميقة لا تتفق مع النظريات الإنسانية والأخلاقية السامية التي يبشر بها في كتبه؛ على أن مواطن الضعف الشخصي والشهوات الشخصية لا يمكن أن تكون مقياساً للحكم على عبقرية ما من نواحيها العامة، وقد كان روسو عبقرية لا شك في عظمتها، فيجب أن يحكم عليه من هذه الناحية العامة ليس غير

هذه الصور كلها يقدمها إلينا يوليوس فيلي بقوة وإفاضة، ويقف بنا طويلا عند حياة تيريز وشخصيتها الساذجة، إلى جانب حياة المفكر الأثرية، وهو يرى في تيريز شخصية إنسانية

<<  <  ج:
ص:  >  >>