(أعد الأستاذ هذا البحث ليحاضر به الناس في ناد من أندية دمشق الأدبية، ولكن مرض الكاتب ولبثه أربعين يوماً في المستشفى، ثم اضطراره إلى السفر العاجل ليتسلم عمله في مدرسة بعقوبة (العراق) حال دون إلقائه).
صورة المشكلة
آلاف مؤلفة من الشبان يبتون مسهدين ينتظرون أزواجهم اللائى خلقهن الّله لهم. وآلاف مؤلفة من الشابات يبتن الليل مؤرقات ينتظرن أزواجهن الذين يراهم الله لهن والذراري تطل من شرفة الغيب ترقب تعارف أبويها، لتأخذ بأذن الله، طريقها إلى عالم الوجود، فيكون منها عباد الله صالحون، وجنود للوطن مخلصون، وأنصار للحق ثابتون.
ثم إذا قدر الله وكان زواج، كان الزواج (أكثر ما يكون) همَّا ونكداً، وخلافاً مستمراً، وآض البيت من بعده جحيماً محرقاً، وسجناً مظلماً، ونشأ الأولاد على غير تهذيب، ومن غير دين ولا أخلاق. . . هذه هي صورة المشكلة: انتظار أليم يسلم إلى الجنون أو إلى الفسوق أو إلى اليأس، ونقص في الأولاد، وضعف في الأمة، وخراب للبيوت، وضياع للأسر، وفقد للسعادة. . .
سبيل العلاج
هذه هي صورة المشكلة، فما هي أسبابها؟ وما نتائجها؟ وما علاجها؟ بل وما نفع الكتابة فيها؟
لقد كُتب فيها وكُتب (حتى لو أن محصياً أحصى المكتوب فيها لجاء معه كتاب ضخم) فلم يُغن المكتوب شيئاً، ذلك أن المشكلة تحتاج إلى حل عملي يقوم به الآباء، لا إلى نظريات وفلسفات يدلي بها الكاتب والأدباء، من اجل ذلك نحوت في هذا البحث نحو العمل فلم أتعمق ولم أتفلسف! ومن اجل ذلك ضربت من الواقع أمثلة، وأخذت من الحياة شواهد وصوراً. . . على أنها لا تغنى المباحث، ولا تجدي الشواهد ولا الصور، ولا المقترحات