أحييك من قلب فواجع الحدثان للتتابعها، ويئن من المصائب لتواليها، حتى اصبح قلباً كسيراً ملتاعاً. وأشكرك على كلمتك (ذكرى ميلاد) بقدر ما أشاركك عواطفك النبيلة نحو ذلك (الرجاء) الضائع والأمل المنهار.
لقد هز نفسي هذا المقال هزة عنيفة، وحرك قلمي بعد أن سكن طويلاً ليكتب عن الأطفال، والطفولة الهنيئة. وكنت قد دفنت هذه الذكرى لا تعمداً ولكن قهراً، مع إن أمنيتي في الحياة كانت العمل على إسعاد الأطفال واستمتاعهم بطفولتهم، ولا سيما ونحن في بلد لا يعرف للطفل حقه، ولا يدرك للطفولة كرامتها.
وكم نحن في حاجة إلى آباء مثلك يعنون بدراسة أبناءهم، ويشاركونهم الحياة ليعيشوا وإياهم سعداء.
غالب الظن، أن الأستاذ الزيات لم يدخل مدرسة علم النفس الحديثة، أو هو إذا كان قد فعل لا يطنطن بدراساته المتعددة وجهوده المتكررة كما يفعل بعضهم. إن كلمتك يا أستاذ تعد بمثابة رؤوس لعدة دروس تربيوية جامعة في عالم الأطفال، يجب أن توضح وتدرس للآباء والأمهات جميعا.
فان (فرحك الصادق، واستبشار نفسك بذلك المولود الذي هبطت عليك بشراه هبوط الملك على زكريا، والذي جعل نفسك تطمئن إلى إن اسمك قد اشترك، ووجودك قد ازدوج، وعمرك قد امتد في الحياة)، كل ذلك ما ينبغي أن يحسه ويشعر به جميع الآباء والامهات، قبل وبعد أن يرزقهم الله أطفالاً، وذلك من أهم العوامل التي تؤثر في حياتهم.
إن ذلك (الرجاء) الذي غير من نظرتك إلى الاطفال، فجعلها نظرة عملية جادة، بعد إن كانت خيالية نظرية، تلك النظرة التي جعلتك تتقرب إلى كل أب، وتسكن إلى كل أم، هي التي جعلتك في هذه الناحية في صف المكلفين المسؤولين. ولعمري إن الرجل المكلف المسئول هو الرجل الحر الذي يعتمد عليه. فلله ما اجمل ما اختصك الله به من فطنة للوجود الحق، وما أقوى ما امتازت به طبيعتك من تكوين الأسرة السعيدة التي هي اللبنة