للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الأولى في بناء الوطن العزيز.

ثم إن خطة تعاقب المآدب، وتقديم الهدايا، وبهجة الدار المتوالية، وإعطاء الصغير فرصة الرياضة في الحديقة، والعناية بنظام حياته كلها، في غير إسراف أو تقتير يتفق تماماً وروح التربية الصحيحة. كذلك إقامة حفلات الميلاد والتعارف بين الأطفال، وما إلى ذلك، لمما يزيد في بهجة الأسر، ويدرب النشء على الآداب العامة من نعومة أظفارهم، ويشعرهم بالواجب، ويعد شخصيتهم للنضوج التدريجي، ويشجعهم أيضاً على قبول كل شيء حولهم وفحصه، من أشياء وأفكار ومبادئ، فيخضعون للصالح منها في غير تأفف، ويأنفون من الطالح في صراحة ويقين.

لقد كنت مثال الأب الصالح بالنسبة لطفلك العزيز، فان مصاحبة الآباء لأبنائهم أثناء شراء لعبهم ولوازمهم، وإعطاءهم فرصة الانتقاء والاختيار مع التوجيه الصحيح والإرشاد الحكيم، يمكنهم من دراسة غرائز أطفالهم وتعرف ميولهم، فيعملون على تربية كل وفق طبيعته.

وكم كنت أباً رحب الصدر، بارعاً في فن تربية الأطفال وهم رجال المستقبل وعدة الوطن حينما كنت تجيب (رجاء) على أسئلته بقدر ما يحتمل عقله، ولا ترد له سؤالاً أو تعنفه عليه، ولو كنت فعلت لما لحظت مخائل نجابته المبكرة، ولا حدة ذهنه وشخصيته القوية المرنة كما وصفت

إلى هنا، يأتي دور العتب على الأستاذ الزيات، في هلع نفسه، وتطيره من الحياة، لان الله اختار ذلك الكم العبق لجواره الكريم (وما أوتيتم من العلم إلا قليلا) أيدري أحدنا لماذا خلق على النمط الذي اختصه الله به؟! أو لماذا يرجعنا الله إليه إن عاجلاً أو آجلاً؟! له فيما يريد ابلغ حكمة

وعهدنا بالأستاذ كبير النفس قوي الإيمان، صقلته غير الدهر وصروف الزمن، فلا ينبغي أن يجزع إلا على قدر

ولست ادري لم تطوى ثياب (رجاء) تعبث بها الهوام وتوارى في الحقائب، وقد لامست جسمه النضر، وتضوع فيها شذى أنفاسه العطر!! ولماذا تخفى لعب (رجاء)، وهو الذي لمسها بيديه الطاهرتين؟! وأتساءل في دهشة: لماذا تستر صور (رجاء) وجميع آثاره؟!!

<<  <  ج:
ص:  >  >>