للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

إن هذا ينافي بقاء ذكراه الكريمة، ويمحو صورته الجميلة من المخيلة، ويذهب بصوته الرائق من الأذن

أيها الأب الكريم! سهل على النفس غرامها، وعلى القلب حنينه، وعلى العقل حيرته. انشر صور (رجاء) في كل مكان جميل في المنزل، وضع لعبه في اكرم مكان وأليقه، وانفض عن ثيابه المطوية الغبار، حتى تتلمسه في كل شئ حولك؛ وضع أثراً من آثاره كمنديل، أو قفاز، أو لعبة صغيرة في مكان يحتمل أن تطرقه على حين فجأة، وانس انك وضعت ذلك الأثر في هذا المكان، فإذا صادفك بعد حين، فاختبر انفعال نفسك بالعثور على ذلك الأثر المنسي، وجدد الذكرى؛ ثم حدث أصدقاءك ومحبيك كلما زاروك عن صور (رجاء) على اختلاف مواضعها ومناسباتها. واشد بذكائه وجمال نفسه، وما كنت تعقد على وجوده من أمل، وبهذا تستطيع إن تبقى (رجاء) حيا في عقلك وفؤادك، وبهذا تستطيع أن تجد رجاء أقوى في (خليفة رجاء). وحذار من تضليل الطفل بعاطفة مصطنعة، فإنها لن تخفى عليه مهما صغر سنه، وان هو عجز عن أن يثأر لنفسه منك صغيراً، فلن فلت منه وهو كبير. واعمل بالمبدأ القائل: احي ويسر للآخرين الحياة

وإني بهذه المناسبة، يحضرني حوار شعري طريف، كنت قد حفظته وأنا طفلة بالمدرسة لشاعر الطبيعة الإنجليزي (وردذورث ألخص معناه فيما يلي:

تخيل الشاعر انه قابل مرة طفلة ريفية راقه حسنها، فاستأذن في محادثتها، وسألها: (ألك اخوة وأخوات أيتها الصغيرة؟ قالت: نعم، نحن سبعة من ذكور وإناث، مات منا اثنان. فقال لها: إذن انتم خمسة الآن لا سبعة؟! فقالت: لا، نحن سبعة. فقال إذا كان قد مات منكم اثنان فالأحياء خمسة فقط!! فأجابته الريفية الساذجة بدهشة ردت الشاعر العظيم إلى صوابه قائلة: ولكنهما حيان عند الله وسنتقابل جميعا في الجنة. .)

هذا يا سيدي الأستاذ تحليل طفلة غربية ساذجة، فهل يجوز أن يكون جواب الشرق في مثل هذه الأحوال كذلك؟!!

الجواب منك وإليك، وأنت صاحب النفس الكبيرة، والإيمان العامر. أطال الله بقاءك، وأجمل عزاءك

زينب الحكيم

<<  <  ج:
ص:  >  >>