وأخيراً يدلي الأستاذ عبد المتعال الصعيدي دلوه في دلاء وينبري للبحث عن لقب (السفاح) لمن هو على التحقيق.
وقد كتب الأستاذ في هذا الموضوع ثلاث مقالات نشرت في الأعداد ٣٤٦ و٣٤٧ و٣٤٩ من (الرسالة) الغراء. ونحن لا شأن لنا بالمقالة الأولى من هذه المقالات، لان الأستاذ ذهب يدلل فيها على إننا مسبوقون إلى تفسير لفظ (السفاح) بالمعطاء للمال، وفاته وهو يكتب تلك المقالة إننا نزلنا على هذه الدعوى عندما ثبت عندنا ان الذين لقبوا الإمام أبا العباس بذلك اللقب لم يقصدوا إلى مدحه بل إلى ذمه ووصفه بأنه سفاك قتال.
أما مقالتاه الثانية والثالثة فهما اللتان نعنى بمناقشتها اليوم.
وقد حاول الأستاذ في المقال الثاني إن يفند قولنا إن أبا العباس لم يكن سفاحاً، كما حاول في المقال الثالث أن يبين لنا كيف اختلفت الروايات في لقب السفاح بين أبي العباس وعمه عبد الله بن علي.
وقد كبر الأستاذ الصعيدي أن نقول:(إنا رجعنا إلى سيرة أبي العباس قبل الخلافة وبعدها فلم نجد فيها ما يسوغ تلقيبه بالسفاح) فاندفع يرمينا بالغفلة الظاهرة والتجني على التاريخ ويزعم أن سيرة أبى العباس بعد الخلافة (طافحة) بسفك الدماء ولقد ظننت الأستاذ سيأتي في الأمر بجديد فإذا به يعزو إلى أبى العباس ثلاثة حوادث: أولها قتله ابن هبيرة غدراً، وهذا ما نبهت أنا عليه في أول مقال نشرته لي الثقافة في هذا الموضوع. وثانيها قتله أبا سلمة الخلال، ولم أعد أنا أبا العباس مسئولاً عن هذا الحادث شخصياً، فالباعث عليه من قبيل ما نسميه الآن بتهمة الخيانة العظمى، ولذلك لم أعتد به على أبي العباس. على أن هذا الحادث قد تولى كبره أبو مسلم الخرساني من غير مراء. الحادث الثالث قتل أبي العباس سليمان بن هشام بن عبد الملك بعد أن آمنه، ولو تتبع الأستاذ قصة هذا الأمير في أقدم مظانها وأصحها وهو تاريخ ابن جرير الطبري لعلم أن الطبري يتتبع أخبار سليمان هذا بكثير من العناية والإسهاب حتى سنة ١٢٩ وثم لا يعود إلى ذكره بعد ذلك التاريخ، وسياق حديث الطبري يفيد أن هذا الأمير قتل في وقعة مرو الشاذان التي كانت سنة ١٢٩ بين