علم القراء أن صاحب المعالي الأستاذ العلامة عبد العزيز فهمي باشا قد اقترح على مجمع فؤاد الأول للغة العربية اقتباس الحروف اللاتينية وبعض الحروف المشابهة لها لتيسير الكتابة العربية
وقد خالفه كثيرون، وعاود معاليه الكرة للرد على هؤلاء المخالفين، ومنهم كاتب هذه السطور
وكنت قد خالفت رأي معاليه لأن اقتراحه يترك الصعوبة الأصلية قائمة ويعني بالصعوبة المتفرعة عليها، وهي تابعة لها باقية ببقائها
فلا صعوبة عندنا في كتابة حرف من الحروف مضموماً كان أو مفتوحاً أو مكسوراً إذا عرفنا أنه مضموم أو مفتوح أو مكسور، ولا صعوبة كذلك في قراءته مع هذه المعرفة سواء أكان مشكولاً أم غير مشكول
إنما الصعوبة الأصلية أن نعرف ما يضم وما يفتح وما يكسر، ثم نكتبه ونقرأه على صواب
وترجع هذه الصعوبة إلى خواص في بنية اللغة العربية لا وجود لها في اللغات التي تكتب بالحروف اللاتينية، غربية كانت أو شرقية
ومن هذه الخواص الفعل الثلاثي واختلاف أبوابه وارتباط ذلك بالمصادر والمشتقات، ولا وجود لهذا الفعل الثلاثي في غير اللغات السامية، وعلى رأسها لغتنا العربية
ومنها الإعراب، وهو على وجود القليل منه في لغات نادرة، قد اختصت اللغة العربية بأحكام مستفيضة فيه، لا نظير لها في جميع اللغات
ومنها أن حروف الحركة في بعض اللغات الشرقية التي تكتب الآن بالحروف اللاتينية قلما تفيد معنى من المعاني غير إشباع الحركة أو خطفها والإسراع فيها، ولكنها في اللغة العربية تبدل معنى الكلمة أو تبدل قوة المعنى
فقراءة العربية قراءة مضبوطة لا تتأتى بغير تصحيح العلم بهذه القواعد قبل كتابتها وقراءتها، وسبيل ذلك أن نختصر القواعد النحوية والصرفية حتى يحيط أوساط الناس بالقدر الكافي منها لمقاربة الصواب جهد المستطاع