للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[أطوار الوحدة العربية]

العرب في ميادين الكفاح

للأستاذ نسيب سعيد

سأحدثك اليوم عن نزول العرب فعلاً إلى ميادين الصراع والنضال، وعن تأليف الجيش العربي واشتراكه بالمعارك والمواقع الحربية إلى جيوش الحلفاء فأقول:

لقد كان سفر الأميرين (علي) و (فيصل) من أبناء (الحسين) مع المتطوعين العرب، من معسكر (حمزة) في فجر أول يونيو (حزيران) عام ١٩١٦، أول نذير أنذر به الترك بخروج العرب عليهم، وانفضاضهم من حولهم. فاتجه الأميران العربيان بعد مغادرتهما الثكنة العسكرية إلى (الخانق) سالكين الطريق الشرقي، ثم عادا إلى (بيار علي) وهو موقع بقرب المدينة فخَّيما هنالك، وكاتبا القبائل العربية، وأخذ يجمعان القوى والجنود والأنصار

وفي صباح الثامن منه هاجما بستة آلاف مقاتل محطة (المحيط) مع حاميتها، ودارت أول معركة بين الترك والعرب؛ واستأنفا الغارة صباح ٩ منه فهاجما الحسا، ودارت معركة عنيفة امتدت من الصباح حتى الظهر. وعلى هذا المنوال بدأت المعارك حول المدينة المنورة بين العرب والترك قبل أن تعلن الثورة رسمياً لأن الثورة الكبرى - كما قلت لك في حديثي السابق - بدأت في مكة صباح يوم السبت ٩ شعبان سنة ١٣٣٤ الموافق ١٠ يونيو (حزيران) عام ١٩١٦. وذلك أن الحسين أوعز إلى رجاله - وكان قد أعدهم من قبل - بأن يهاجموا الثكنة العسكرية في (جردل) - كما حصل في المدينة والطائف - وكان الترك غافلين عما يدبر لهم في الخفاء، وكان قادتهم وكبار ضباطهم في الطائف؛ ويتولى القيادة على الجيش التركي وقتئذ بكباشي اسمه (درويش) بك

وفي ذلك الصباح الأعز بدأ (الحسين) نفسه الثورة على الدامية بأن أطلق رصاصة من قصره على ثكنة الترك فكانت الإعلان الرسمي للثورة العربية الكبرى، كما كانت الإشارة التي اتفق عليها بينه وبين رجاله فشرعوا بالهجوم على أثرها. وكانوا قد احتشدوا في مكان مجاور قبيل الفجر

وأدرك درويش بك قائد الجند التركي حراج الموقف، وعرف أن مصير جنده إلى الفناء لأنهم كانوا يقومون بالتمرينات الرياضية المعتادة في خارج الثكنة، بلا سلاح ولا عتاد،

<<  <  ج:
ص:  >  >>