يقسم المقري كتابه عن الأندلس إلى قسمين كبيرين؛ يخصص أولهما للتعريف بالأندلس وتاريخها وآدابها. والثاني للتعريف بابن الخطيب. ويشتمل كل قسم على ثمانية أبواب، فيشمل الأول وصف الأندلس وجغرافيتها وفتحها على يد موسى وطارق وتاريخها في عهد الولاة وبني أمية وملوك الطوائف، ووصف قرطبة ومعاهدها وضواحيها ومتنزهاتها ثم التعريف بالراحلين من الأندلس إلى الشرق، والوافدين من المشرق على الأندلس. واستعراض آداب الأندلس ومنثورها ومنظومها، ثم تاريخ الصراع الأخير بين الأندلس وأسبانيا النصرانية وسقوطها الأخير في يد النصارى. ويشتمل القسم الثاني على نشأة ابن الخطيب، وتدرجه في طريق المجد وما لقي من الأحداث والمحن حتى وفاته وذكر أساتذته وأشياخه، وما وجه إليه من الرسائل الملوكية ومن أكابر عصره، ومقتطفات كبيرة من كتبه ورسائله ونثره ونظمه، وذكر مؤلفاته وذكر بعض تلامذته الآخذين عنه، ثم ذكر أولاده ووصيته
ويشغل الكتاب كله أربعة مجلدات ضخمة، كل قسم مجلدين؛ فهو كما قدمنا موسوعة صحيحة سواء من ناحية حجمه أو محتوياته؛ ذلك أن المقري يحشد في كل باب من هذه الأبواب العامة كثيراً من المعلومات والشذور والوثائق والرسائل والمختارات؛ ويكاد كل منها يضارع كتاباً بأسره. ويجري المقري على قاعدة الاستطراد فينتقل بقارئه من موقف إلى موقف، ومن شذرة أو رسالة أو قصيدة إلى أخرى حسبما تسوقه شجون الكلام والرواية. وقد ترد خلال حديثه أهم المعلومات والوثائق حيث لا ينتظر ورودها. وفي كثير من الأحيان ينقل المقري إلينا رسالة بأسرها أو كتاباً بأسره؛ ولا يعني المقري بالتنظيم والتناسق، وإنما يعرض مادة كتابه مبعثرة حسب التقسيم البسيط الشامل الذي ذكرناه
ذلك أن المقري لم يكن مؤرخاً بالمعنى الحقيقي، بل كان أديباً فقط؛ وهو لا يزعم انه مؤرخ