لم تمض بضع سنوات قليلة على إنشاء الجامعة المصرية حتى فطنت إلى أهمية البحر الأحمر من الوجهة البيلجية. فأقامت على شاطئه الغربي محطة الأحياء البحرية بالغردقة لمساعدة البحاث من العلماء على دراسة هذا البحر واستنباط أسراره. وهنالك في هذه المحطة يمكننا أن نشاهد دون ما عناء تلك الحيوانات الغريبة التي تختلف كثيراً عن حيوانات البحار الشمالية والبحر الأبيض المتوسط، والتي لم يرها حية إلا نفر قليل من العلماء تكلفوا في سبيل ذلك من المال والعناء الشيء الكثير.
ويكفي أن تجرف قاع البحر - قريباً من مرسى المحطة حيث تغزر الحشائش - بجرافة صغيرة كي تحصل على نحو من ثلاثين نوعاً من الأسماك الصغيرة، أغلبها غريب في شكله وعاداته. ومن هذه الأسماك فرس البحر والأسماك الأنبوبية الفم ولا يبدو فرس البحر لأول وهلة من الأسماك، لولا زعانفه الصغيرة. وقد فقد زعنفته الذنبية فليس يفيد الذنب في العوم، وإنما يلتف حول الحشائش التي يعيش بينها فرس البحر فيمسك بها. أما الأسماك الأنبوبية الفم فبرغم جسمها العضوي الشكل الكثير الحراشيف، فهي أشبه بالأسماك العادية من فرس البحر ويمكننا أن نرى جلياً حلقة الاتصال بينها وبين فرس البحر. فهنالك واحدة من الأسماك الأولى ذات ذنب قابض قد فقد زعنفته، فإذا أخذت هذه السمكة وثنيت رأسها بزاوية قائمة ونفخت بطنها حصلت على فرس البحر. . كل هذه الأسماك تشابه الحشائش البحرية في لونها، وتحمل نقطاً حمراء قاتمة أو سمراء تشبه تماماً صدأ الحشائش التي تعيش بينها.
وتبلغ مشابهة الأسماك للحشائش أقصاها في نوع ماصة الفم
فهذا النوع يبلغ في الطول ثمانية سنتيمترات، ومع ذلك تصعب رؤيته جداً بين الحشائش التي يعيش بينها، حتى خارج الماء. ويخيل لناظر الصورة أن هذه السمكة سهلة الرؤية