لشكلها الغريب، ولكن جسمها الرقيق ذا اللون الأخضر وزعانفها الصدرية العريضة والنقط السوداء المنتشرة عليها، كلها تكسبها شكلاً يحول كثيراً دون رؤيتها الحشائش خارج الماء. فكم تتعذر رؤيتها في مكانها الطبيعي؟
وهناك جنس آخر لا يمُتّ إلى الأسماك الأنبوبية الفم بصلة يعرف بالأمفسيل يشبه الأولى في فمها الأنبوبي الماص، وتغطي جسمه حراشيف كبيرة ملتصق بعضها ببعض، تكسب السمكة صلابة في الحركة - وجسم أسماك هذا الجنس مفرطح رقيق صلب، فهو أشبه شيء بحد السكين، ولا ينتهي بالذنب كالمعتاد، فقد تحول هذا من مكانه الأصلي وتقدم قليلاً نحو الجهة البطنية. وستدل من زعانفها الصغيرة على بطء حركتها - ولا يمكننا أن نتكهن كيف يعيش هذا السمك الغريب، إذ يصعب الحصول عليه حياً أو على الأقل في حالة جيدة، وذلك بالرغم من صلابة حراشيفه التي هي بالنسبة إلى حجمه أقوى من درع التمساح. والمفروض كما وصف بولانجيه في كتابه (المربي المائي) أن هذه الأسماك تتغذى على الحيوانات المائية الدقيقة تمتصها بفمها الأنبوبي.
وتعطينا الأسماك الأنبوبية الفم مثلاً من الأمثلة النادرة بين الأسماك، إذ يحتفظ السمك ببيضه حتى يفقس، وبيرقاته حتى تتطور وتصبح قادرة على الأخذ بأسباب الحياة. والذكر وحده هو الذي يرعى النسل، فله كيس بطني تضع الأنثى ببيضها وتثبته ببعض على شكل كرة، تمسكها بفمها فتسد فتحته حتى ليستحيل الغذاء، والغريب أنها مع ذلك تتنفس - ومن طبيعة الأسماك الكبيرة أن تأكل الصغيرة، سواء أكانت من نوعها أم لا. وهنا نرى جلياً ظهور غريزة تخالف تماماً الطبيعة العامة للأسماك، وهي تشبه في ذلك غريزة بعض الأقراش الكبيرة يقال إنها تأوي صغارها في فمها - ولا يمكننا أن نقول إن مثل هذه الأسماك يمكنها أن تتعرف صغارها، فإن عقل الحيوانات لم يصل إلى الدرجة الدنيا التي يمكنه معها تمييز صغارها إلا في ملايين السنين بعد أن بلغت الأسماك نهاية تطورها المخي.
وعائلة السكوربينويد كلها أسماك قبيحة المنظر، لها أشواك حادة في كل مكان يمكن أن يظهر فيه الشوك. وكلها ضارة إذا أمسكت، وبعضها خطر يهدد الحياة. إذ أن للأشواك غدداً سامة - ومن أفراد هذه العائلة أسماك صغيرة تعيش بين الحشائش المائية أيضاً، ونحصل